في المقال السابق "بناتنا في عين الخطر يا وزير التعليم" كانت الحكاية غير إيجابية بسبب إهمال الوزارة مبنى لمدرسة بنات شبه متهالك ما جعل الطالبات في حالة رعب يومي. أما اليوم فالحكاية إيجابية لأن الوزارة هذه المرّة ربما اكتشفت دورها غير التقليدي في العملية التربوية وهو ما يستحق الثناء والتقدير. التعلّم عن طريق الفنون هذا آخر ما كنت أتوقع أن تنتهجه وزارة التعليم وخصوصاً في بيئة مغلقة تماماً (مدارس البنات) ولعل الوزارة آمنت أخيراً في تبنيها لهذه الخطوة غير المتوقعة ضرورة التخلّص من الأساليب التربوية والتعليمية الرثّة غير المناسبة لجيل اليوم. وقفت حفيدتي (غلا) مع بعض من زميلاتها على مسرح مركز الجفّالي في مدينة عنيزة يعرضن مسرحية بعنوان "نقطة تحوّل" ضمن فعاليات المنافسة المسرحية للمرحلتين المتوسطة والثانوية لمدارس البنات في عُنيزة. الفاضلة قائدة مدرستهن الأستاذة (فوزية السبيّل) هي من كتبت المسرحية وقامت (غلا) بدور بطلة الحكاية (هدى) التي كانت تحكي لزميلاتها عن زيارتها للعاصمة الفرنسية باريس حيث يدرس أخوها ويظهر أنها منبهرة بما شاهدته هناك ما أدى بها للاستهزاء والتقليل من قيمة مدينتها التي يطلق عليها (باريس نجد) وبالتالي وطنها الكبير. ينتقل النص إلى لوحة مشاركة الطالبات بفعاليات اليوم الوطني ماعدا (هدى) امتنعت عن المشاركة بحجة أن الاحتفال شكليات ومظاهر لا قيمة لها من وجهة نظرها وهو ما يوضّح بجلاء تعاليها حتى على يوم الوطن والفرح من أجله. نقطة التحول كانت في الخبر المفجع بموت أخيها غدراً على يد صديقه الفرنسي الذي اغتاله من أجل سلب ماله في حين لم يكن الأخ (فطناً) باتخاذ الحيطة والحذر حتى من أقرب أصدقائه. يدور صراع نفسي داخل (هدى) حتى تقتنع أن نعمة الأمن والأمان أثمن قيمة من كل المظاهر والقشور وفي لوحة الختام تؤدي المشاركات في المسرحية نشيداً عن الولاء وتعزيز الانتماء للوطن والتضحية من أجله. حكاية المسرحية بسيطة وعقدتها سهلة لكنّ أثرها فيما أعتقد كبير على الطالبات والحضور وهذا هو الهدف الأساس. هل أدركنا الآن الدور الحقيقي للمدرسة في صناعة إنسان سوي عصيّ على (الدعشنة)؟ استمروا على هذا النهج فالوطن ينتظر منكم الكثير. لمراسلة الكاتب: aalkeaid@alriyadh.net
مشاركة :