حين تغيب جامعاتنا عن الاهتمام بقضايا المجتمع. وحين تهتم الكراسي البحثية بذات الجامعات بظواهر ربما لا تشّكل خطورة بقدر ظواهر أخرى أكثر أهمية فمن ذا الذي سيقوم بالبحوث ويقدّم المشورة لأجهزة الدولة ومرجعياتها التشريعيّة؟ هل سمعتم يوما بشركة محليّة عملاقة أو بنك سعودي موّل بحثاً عن قضيّة تُشغل الرأي العام أو لها علاقة بصحة الناس وأرواحهم مثل تزايد حوادث السيارات وما ينتج عنها من قتلى ومصابين جعلت من شبابنا اسرى كراسي المعاقين، أو دراسة السبب في انجذاب شبابنا للمنظمات الإرهابية وسهولة اختراق عقولهم والتأثير في عواطفهم، أو دراسة نمط السعار الاستهلاكي لكافة طبقات المجتمع ما حوّل بلادنا لمكب نفايات مصانع أبو ريالين وكل سلعة رديئة، أو دراسة تأثير الوافدين وهم بالملايين من كل جنس ولون على عادات وسلوك أفراد المجتمع، وفي ميدان القضايا الاجتماعية حدّث ولا حرج؟ هل فكّر أحد بدراسة قضايا مهمّة كهذه؟ لا أظن لأن بوصلة مراكز البحوث في الجامعات وكذا الكراسي البحثية ربما لا تشير الى الشمال في كل الأحوال! خذوا هذا المثل من الأبحاث ذات القيمة: في تقرير نشرته وكالة رويترز حول مزايا وعيوب أكل اللحوم، وضعت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان ومقرها باريس والتابعة لمنظمة الصحة العالمية اللحوم المصنّعة، مثل النقانق ولحم الخنزير في الفئة الأولى من قائمتها المسببة للمرض التي تشمل أيضاً التبغ والاسبستوس ودخان الديزل، وقالت إن هناك "أدلة كافية" تثبت صلتها جميعاً بالسرطان. ألا توجد لحوم مصنّعة في بلادنا؟ ألم يسأل عالم متخصص في التغذية عن مصدر لحوم (الهمبرجر)؟ ألا يُدخّن شبابنا وهل المعسّل أو الجراك أخف ضررا من التبغ وورق السجائر؟ هل توجد مادة الاسبستوس في بلادنا أين وفي أي المنتجات الصناعية تدخل في تركيبها؟ أما دخان الديزل فقد وصلنا بسببه حد الاختناق! تلك أربع قضايا مهمة وخطيرة أشار اليها تقرير الوكالة الدولية لأبحاث السرطان وحذر الناس منها؛ فهل بلادنا بجامعاتها ومراكز الأبحاث فيها لم تضع في جدول دراساتها قضايا كهذه أم أننا قد رضينا بدور المتلقي فقط وربما المتفرّج؟! لمراسلة الكاتب: aalkeaid@alriyadh.net
مشاركة :