بابتسامة عريضة استلمت ربة المنزل سعاد أبو عليان حوالة مالية قيمتها 250 دولارا أمريكيا من مكتب إحدى شركات تحويل الأموال العالمية وسط الشارع الرئيسي في مدينة النبطية بجنوب لبنان كعيدية بمناسبة قرب حلول عيد الفطر المبارك من شقيقها المقيم في أستراليا والعامل بتجارة المفروشات منذ سنوات. وقد مكن هذا المبلغ عائلة سعاد التي تضم 6 أفراد من تأمين احتياجات ومستلزمات عيد الفطر في بلد يمر منذ حوالي عامين بأسوأ أزمة اقتصادية ومعيشية أدت إلى انهيار مالي غير مسبوق، بحسب البنك الدولي. وليست سعاد الوحيدة التي تصلها بشكل دوري مثل هذه الحوالة، بل نسبة كبيرة من الأسر اللبنانية تتجاوز 40% تعتمد في تحسين أوضاعها المعيشية على مساعدات أقاربهم المقيمين خارج لبنان والتي تصلهم عادة بالدولار. وأكدت سعاد لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن "الحوالة مكنت عائلتي من تأمين جانب من الحاجيات الضرورية لاستقبال العيد بفرح وبهجة وبدونها كان وضعنا محرجا وسيئا للغاية". وأضافت أن تحويلات المغتربين تساعد في انتشالنا من واقع مرير نمر به بعد البطالة والتضخم وانهيار العملة الوطنية وخسارتها حوالي 90% من قيمتها. وقالت إن تحويلات المغتربين باتت المصدر الرئيسي والداعم الذي يساهم في تجاوز متطلبات الحياة في لبنان خاصة مع الأعياد والمناسبات الدينية والاجتماعية التي لا مفر من تأمين مستلزماتها والتي ارتفعت أسعارها أكثر من 10 أضعاف خلال نحو سنة. من جهته الخمسيني ربيع السعدي الذي أجبر على ترك عمله في معمل ألبان بجنوب لبنان نتيجة تردي الوضع الاقتصادي قال لـ ((شينخوا)) "ننتظر بفارغ الصبر حوالة مالية كعيدية من شقيقي القاطن في إحدى الدول العربية لتساعدنا في توفير السلع المتعددة الضرورية لهذه المناسبة" . وأضاف "تحويلات المغتربين أشبه بشريان الحياة وبدونها كانت حالتنا مأساوية ووضعنا المعيشي في الحضيض وغير قادرين على تأمين ما تشتهيه عائلتي من مأكل ومشرب وملبس". ويشير آخر إحصاء صدر عن المصرف المركزي اللبناني إلى أن تحويلات المغتربين اللبنانيين بلغت حوالي 6 مليارات و400 مليون دولار أمريكي خلال العام 2021. وتفيد دراسة صدرت مؤخرا لـ"الشركة الدولية للمعلومات" أن التحويلات الشهرية لنحو 1.3 مليون مغترب إلى ذويهم في لبنان تتجاوز 120 مليون دولار ويستفيد منها حوالي 220 ألف عائلة، مما يشكل أحد أبرز عوامل صمود كثير من الأسر اللبنانية أمام الأزمة الاقتصادية. وتقوم "الدولية للمعلومات" ، وهي شركة دراسات وأبحاث وإحصاءات علمية مستقلة تأسست في بيروت عام 1995، بمعالجة شهرية لمواضيع بحثية واستطلاعية واقتصادية ومالية واجتماعية وثقافية. بدوره أشار المواطن الستيني جميل يحيى لـ((شينخوا)) إلى أنه بعد خسارة عمله مطلع عام 2020 بسبب جائحة كورونا بات يعجز عن توفير متطلبات عائلته المعيشية التي تضاعفت مرات عدة بسبب ارتفاع الأسعار في لبنان. وقال إن حوالة مالية بقيمة 150 دولارا يتلقاها شهريا من ابنه المغترب في إحدى الدول الأوروبية تساعده على تجاوز العقبات الحياتية . وأضاف انتظر في هذه الأيام المباركة استلام الحوالة حتى اتمكن من تغطية بعض احتياجاتنا العائلية،علما أنها بالكاد تكفي شراء القليل والأكثر إلحاحا في ظل فوضى أسعار الأسواق وطمع التجار. من جهتها أكدت زوجته أنه " لولا تحويلات المغتربين التي تصلنا بالدولار لكنا في وضع معيشي صعب وحرج ،فهذه المساعدة مهما تكن قيمتها انقذت الكثير من العائلات وخففت من وطأة الانهيار الكبير في لبنان". وفي هذا السياق قالت جنان حويلي من بلدة بنت جبيل بجنوب لبنان لـ ((شينخوا)) إنها أم لخمسة أطفال وزوجها مقعد إثر حادث أليم. وأضافت كنا نصف الغربة عن الوطن بالكربة لكن مع الظروف القاسية التي نعيشها باتت الغربة "طوق للنجاة" ومدخل لحياة آمنة ومورد رزق ما يدفع بالشباب اللبناني إلى الهجرة بكثافة. وأدت أزمات سياسية واقتصادية ومعيشية وصحية متشابكة في لبنان لانهيار عملته الوطنية وتجاوز معدل الفقر نسبة 82% مع تفاقم البطالة والتضخم وتآكل المداخيل والمدخرات وسط ارتفاع غير مسبوق في الأسعار مع نقص في الوقود والأدوية وحليب الأطفال.
مشاركة :