في الحقيقة، هو فكر منحرف متمرد بلا مكان، فكر منزاح لا وجود فيه سوى الاختلاف، يوجد في بعض أركان العالم كصورة تافهة في مقابل الحقيقة الفعلية التي حاول ميشيل فوكو أن يحدّد المعاني التي يُستعمَل فيها مفهوم السيمولاكر فيردّها إلى عدة نقاط: وهو يعني أيضاً تمثيل شيء ما، من حيث إن هذا الشيء يفوّض أمره لآخر، يعني السيمولاكر أيضاً الكذب الذي يجعلنا نستعيض به عن علامة بأخرى، وأخيراً فإنه يدل على القدوم والظهور المتآني للذات والآخر. فالمعاني الثلاثة الأولى تجعل السيمولاكر صورة تافهة كاذبة مخادعة لا ترقى إلى مستوى الواقع الفعلي، ولا تمثِّله.. إنها تظل دونما تعكسه، فهي إذاً، نسخة لا تعكس حقيقة ما تستنسخه، نسخة مضللة خداعة. في هذه الحالة أو تلك لا يتعلق الأمر إلا ببناءات مجردة عكس شأن العلم اليوم الذي يكترث بالحقيقة وذلك تماماً ما يعيّنه المعنى السابق الذي لا يدلّ على أيّ كذب أو خداع، بل يضع النسخة في مستوى الأصل، ويجعل قدومهما متآنياً، فلا يفصل أحدهما عن الآخر، فيقرن الشبيه بالشبيه، والأصل بنسخته والموضوع ب نظيره، نظراً لقدرة فوكو على تبين الأخطاء وإعلانه للحقائق النهائية. ليست الغاية تحرير مسألة دون أخرى او نتناول العلم وحياديته وموضوعيته إلا بحسب كمية أو مقدار ما يوجد فيها من عناصر، هذا وقد وجَّهت وزارة التعليم السعودية تعميمًا لجميع الإدارات التعليمية التابعة لها، بسحب 80 مؤلفًا من مكتبات ومراكز مصادر التعلم في جميع مدارس المملكة، وعلى رأسها كتب سيد قطب وحسن البنا ويوسف القرضاوي. وجاء في التعميم أسماء جميع المؤلفات الثمانين المسحوبة، مع التوجيه بسرعة تسليم هذه الكتب إلى إدارات التعليم ومكاتبها، في موعد أقصاه 10 أيام. فالتطور العلمي ينتج إمكانات لصالح الإنسان وليس ضده، فعلى القائمين الذين يديرون المنهج التعليمي أو يعملون على تجديده مراعاة هذه المعاني التي تنطلق من فكرة الأصل فتعتبر العالم نسخة تكرّر الأصل وتستنسخه، واللا تحدد الفروع الأصول، وأن وجود الصورة الأصلية للعلم أفضل من النسخة المطابقة كما ذكرنا سابقا عن مفهوم السيمو لاكر، ولنحص الكم الهائل من العقول التي تأثرت بالكتب المسحوبة من المدارس وانعكس تأثرها سلبا على نهضتنا التعليمية والاجتماعية. فإن المعنى الذي نريد إيصاله لا نريد اقتران الشبيه بالشبيه ولا الأصل بنسخته طبق الأصل، لانريد للخدعة نصيبا من الحقيقة، بل نبحث عن تغيير كبير ملحوظ وملموس بحصر المعنى بالتحليل النفسي الذي أظهر مزيدا من العنف في سلوك الشباب والعداء المستمر تجاه الأسرة وهروب الفتيات إلى عالم مجهول، وارتفاع نسبة الطلاق في سنواته الأولى ومعدل نسبة الجريمة، وهنا تظهر عظمة التغيير قياساً على المستجدات في المجتمع وعطفاً على مخرجاته ونتائج أفراده، فالاعتراف بالصعوبات لا يعني العجز عن إيجاد حلول لها مهما كانت معقدة من ناحية إيجابية فقد أصبح بوسعنا تقبل الأمورالمعقدة وفق ما تشعر به حاجتنا ووفق المواقف. ولكي تكون التجربة ذات شعور حقيقي تتطلب مناقشة الثغرات والعقبات التي مرت بها، بما فيها من إيجابية وسلبية، إلى جانب البحث عن أساليب جديدة تختلف عنها، واكثر إثارة وثراء ليكون التطور في تغيير مستمر دون توقف عند قناعات لجنة بذاتها لها تأثيرسلطوي على التعليم، أي لا ننساق إلى مارسمه المؤلف في فضاءات غير معروفة نتائجها. أي أننا إزاء تفكير لايكف عن الابتكار ويسعى للوقوف على مستوى الانغلاق رغم انفتاح العالم على الصناعة وممارسة نشاطات تقنية هائلة بإعادة إنتاج صياغة الأفكار وطرح ما يتوافق مع البنية الجديدة للمجتمعات، فكلما كانت العلوم متوقفة عن التطوير يتجاوزها العقل البشري وينساق إلى مجالات تصنعها ميادين مختلفة، وبذلك يكون التلقي مختلفا عن توجه السياسة التي تحكمه وتقرر بيئة تفكيره.
مشاركة :