قبل وسائل الاتصال الحديثة كانت الصحافة المحلية تطالعنا في أحيان كثيرة بتقارير وقصص نقرأ فيها بؤسا وتعاسة. وزادت وسائل الاتصال بأن أظهرت الصوت والصورة لمأساة هذا أو هؤلاء. وقد عايشت الصحافة القديمة ورأيت كيف كان المحررون يتحفظون على إجلاء السيئ من الأخبار، أو ما يُكدر الخاطر و"يثير البلبلة". وانفرط العقد الآن وأتيح كل شيء. لكن الدوائر الرسمية لم تسع حتى الآن إلى مجاراة مقياس الانتباه فتقول نعم: هذا الشيء حصل، وحقيقته هو أنه كذا وكذا. "أُسرة تعيش فى خيمة" و"رجل ينام تحت الجسور"، و"طفل يحتاج الى علاج" الى آخر ما يستطيع المحرر الوصول اليه من ألوان الشقاء. وبنيّة حسنة لا تقصد بها الصحف المحلية الاّ الخير تزداد تلك الأخبار يوما عن يوم، ويلتفت أهل الخير الى الحالة فيعرضون مساعدتهم. فجزى الله الصحافة خيرا، وجزى المحسنين إحسانا. الجانب المضيء يُري صورة تكافل وتضامن، والجانب الأقل ضياءً حتى لا أقول المُعتم، أن سلسلة الجمعيات الخيرية فى بلادنا تلتزم بدوامها الرسمي (كأي دائرة) الاّ الفاعل منهم، وقليل منهم. فهم كما يبدو لا يسألون.. ويتوقعون أن يُسألوا..!. يسألون فقط عن عناوين التجار من الغرف التجارية كي يكتبوا لهم الكتاب النمطي، الروتيني الذي لا يتغيّر، ويصل الى صناديق البريد - عادة - بُعيد النصف من شعبان. ألم تر تلك الجمعيات ذاك الرجل الذي ينام تحت جسر المشاة فى الرياض (جريدة الرياض)، أو لم تدر جمعية من الجمعيات عن مُعذبة تخرج من منزلها كي تلتجئ الى المسجد هربا من تصرفات زوج؟ الرعاية الاجتماعية لا تزال تُدار بطريقة النماذج وتعبئة الكلمات المتقاطعة..!. وما لم يأت الموضوع عبر الصحف.. والصور فالرعاية لا تسأل في الحارة عمن قضى نحبه ومن ينتظر..!. لمراسلة الكاتب: aalthekair@alriyadh.net
مشاركة :