هناك حكمة قديمة تقول: (إذا كنت تقوم بما تفعله دائمًا، فستحصل على ما كنت عليه دائمًا)، فإن لم يكن لديك روح المبادرة فيما تعمل، فستبقى حبيسًا في قفص ردود الأفعال، وسيصيبك الركود، وينال منك الأعداء بسهولة، فالإبداع، والابتكار، والتجديد، والتقدُّم للأمام هي من أهم العوامل التي تساعد على التحرُّك، وتلغي المظاهر السلبية المتمثّلة في الاستسلام، والاعتماد على الآخرين، والتبعية والمحاباة والانتظار، لما قد يحدث في المستقبل لنبني على أساسه ردود أفعالنا. منذ أمد بعيد، وكلَّما وقع حادث إرهابي في أيِّ مكان حول العالم، فإن المتَّهم الأوَّل خلف هذا الحادث هُم المسلمون، وقد تمكَّن أعداءُ الأمّة -في العقود الأخيرة- من ترسيخ هذه الفكرة، فقاموا بإيجاد كيانات إرهابية، تمَّ تشكيلها في قلب العالم الإسلامي، كما تمَّ ربط هويتها، وتسميتها بالدِّين الإسلاميّ، ووضع قيادات رمزية عليها بهويات إسلامية متنوّعة، بحيثُ تسعى لتبنّي أيّ حدث إرهابي، وتبادر بتحمّل مسؤوليته، سعيًا منهم لجعل الإرهاب والإسلام وجهين لعملة واحدة، وليصبح المسلم إرهابيًّا، كما يصبح أيُّ إرهابيٍّ مسلمًا. وحيثُ إن الإسلام يُحرِّم الإرهاب بجميع صوره وأشكاله، وجرائمه الوحشية، وحيثُ إن الإرهاب جريمة نكراء، وظلم تأباه الأديان السماوية، والفطرة الإنسانية، وهو إفساد في الأرض، وإهلاك للحرث والنسل، وانتهاك لكرامة الإنسان وحقوقه، كحق الحياة والأمن، ولعدم وجود أيّ مُبرِّر للإرهاب بحالٍ من الأحوال، وحتى لا نكون مُستسلمين لردود الأفعال، وسعيًا لأن نكون من المبادرين لوقف ما يسعى إليه أعداء الأمة من تشويه لصورة الإسلام في مختلف أنحاء العالم، فقد أصدرت المملكة العربية السعودية هذا الأسبوع بيانًا مشتركًا بتشكيل تحالف إسلامي عسكري، يضم 35 دولة، وتأييد 10 دول أخرى، وذلك لمحاربة الإرهاب بقيادة المملكة العربية السعودية، وسيكون مقرّه الرياض، وذلك لتنسيق ودعم العمليات العسكرية لمحاربة الإرهاب، وتطوير البرامج والآليات اللازمة لدعم تلك الجهود. هذه المبادرة الهامة، والتي تأتي في هذا الوقت الحساس، من شأنها أن تساهم في جمع الكلمة للوقوف صفًّا واحدًا ضد كافة المنظمات الإرهابية، إذ إن التنسيق بين دول التحالف الإسلامي، وكافة التحالفات الدولية الأخرى سيُساهم في دحر الإرهاب، وقطع جذوره، وتجفيف منابعه، وهي خطوة استباقية لوقف خطر الإرهاب، والتصدِّي له، فهنيئًا لنا مثل هذه المبادرة، وإلى مزيدٍ من المبادرات الاستباقية، والتي من شأنها المساهمة في توفير الأمن والأمان في كل أنحاء العالم. Ibrahim.badawood@gmail.com
مشاركة :