متى تتوقف هذه المقاطع؟ | إبراهيم محمد باداود

  • 7/26/2015
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

ماذا يمكن أن تفعل إذا رأيت أمامك إنسانًا يتألم؟ هل ستتركه وتهرب وكأنك لم تره؟ أم تبحث عن من يقدم المساعدة وتقف معه؟ أم تراقب الوضع عن بعد؟ أم تتصل بجوالك وتبلغ الجهات المختصة عما شاهدت دون أن تتدخل؟ كل ذلك يمكن أن يحدث ويمكن أن نتوقعه ولكن ما لا يمكن أن نتوقعه أن نجد أحدهم يرى أمامه إنسانًا يتألم أو يصاب أو حتى يموت ولا يحرك ساكنًا بل يقف مكانه ليصوره بجواله وهو في هذه اللحظات الحرجة. لا أعرف بأي قلب يستطيع أولئك أن يقوموا بتصوير تلك المناظر؟ ولا أعرف ان عرف من يقوم بالتصوير أن من يصوره أحد أقاربه هل سيواصل التصوير أم سيتوقف ويبادر للمساعدة؟ ألا يعد التصوير في الأماكن العامة انتهاكًا لحقوق الخصوصية؟ وهل نقبل ممن يقول: إن تصوير الأحداث ضرورة للتوثيق ووضع الأدلة عند وجود الانتهاكات بحق الآخرين؟ هل ما نشاهده من تنافس محموم في وسائل التواصل الاجتماعي يبرر قيام البعض باختراق سمعة الآخرين وتصويرهم ونشر المقاطع الخاصة بهم والتي تتضمن أسماءهم وصورهم؟ تألمت كثيرًا وأنا أرى مقطع وفاة المعلمة -رحمها الله- في جامعة تبوك وتساءلت متى يتوقف هذا العبث بسمعة الآخرين حتى في آخر لحظات حياتهم؟ ما شعور أهل المعلمة وهم يرون هذا المقطع؟ أين حقوق الإنسان وما تنص عليه عقوبات نظام الجرائم الملعوماتية؟ وغيرها من الأنظمة التي تحافظ على كرامة وسمعة الإنسان وتعمل على منع أي انتهاك يمس كرامته والتشهير به؟ البعض يعتقد أن هذه المقاطع مفيدة وضرورية كونها تعد أدلة مهمة يمكن أن يستند إليها لاتخاذ إجراءات ضرورية ولنفترض أنها كذلك فلماذا النشر؟ ولماذا اظهار الأشخاص ووجوههم؟ وشخصياتهم؟ ولماذا انتهاك حرمات الآخرين؟ فتارة نجد صور نساء في مشاغل أو في أسواق أو على الكورنيش وأحيانا نجد صور مصابين في حوادث بل ووصل الأمر أن نرى التصوير يشمل الجرحى والموتى في الطرقات بعد وقوع الحوادث. لم تعد تقنية التصوير اليوم عملًا يتم من خلاله تسجيل بعض اللحظات الممتعة بل أصبح شبحًا مرعبًا يظهر لنا باستمرار من خلال وسائل التواصل الاجتماعي مؤكدًا مستوى التبلد والانهيار الأخلاقي الذي وصل إليه البعض. Ibrahim.badawood@gmail.com

مشاركة :