البعض ينظر للنساء بشكل عام وكأنهن مخلوقات من كوكب آخر، فلا يعرف كيف يحترمهنّ، أو يقدرهنّ، وإذا ما نظر إليهنّ فإنه ينظر لهنّ نظرة المتجهم، وكأنه يرى عدوًّا أمامه، أمّا في المنزل فهو يتجاهل كل الأعباء الأسرية التي تقوم بها المرأة، ويتصوّر بأن تلك الأعباء من أساس عملها، وإنما وجدت في المنزل من أجل تلبية احتياجاته فقط، فلا يستمع لحديثها، ويعمد دائمًا إلى تعنيفها وتوبيخها في كل صغيرة وكبيرة، ولا يعرف وجهه ابتسامة لها، ولا يعرف لسانه كلمة شكر لما تقوم به، ولا تعرف يده تقديم هدية صغيرة عرفانًا منه لاهتمامها ببيته وأبنائه. هذا هو حال بعض الرجال، وربما يكون أكثر من ذلك، خصوصًا إذا غضب، إذ يعتقد بأن من الرجولة ضرب المرأة، والاعتداء عليها، وهذا ما حدث هذا الأسبوع في أحد الأسواق التجارية في مدينة جدة، عندما اعتدى أحد سماسرة البسطات على امرأة لديها بسطة تبيع من خلالها بعض الأدوات، فقام بضربها، وتعرض لها بكلمات -كما وصفت المرأة بأنها غير أخلاقية- كما قام برمي كوب من الشاي الساخن في وجهها، متطاولاً عليها وسط السوق دون أن يحرك المارة ساكنًا، أو يدافعوا عن المرأة! واكتفى أحدهم بتصوير الموقف بجواله لينتشر مقطع التصوير في مواقع التواصل الاجتماعية، وتصبح تلك القضية قضية رأي عام؛ لتتصاعد إلى الجهات المختصة، ويلقى القبض على الرجل بعد توجيهات من قبل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل. بغض النظر عن حقيقة الأمر، والأسباب التي أدّت إلى هذه الحادثة، هل أصبحت الرجولة اليوم هي في ضرب النساء والتطاول عليهنّ؟، هل أصبحت القوة هي في ضرب الرجل للمرأة؟ أين النبل والأخلاق والشيم والرفق في التعامل مع النساء؟ أين وصية الرسول صلى الله عليه وسلم لنا في حق النساء؟ قد يتطاول بعض النسوة على الرجال، وقد يسئن التعامل معهم، بل وقد يلقين بالتهم على الآخرين، فهل ردة الفعل والرجولة تكون بالضرب والشتم؟ الرجولة في التعامل مع النساء تكون في الإحسان لهنّ، وتقديرهنّ، وحتى لو صدر منهن ما يسيء فعلى الرجل أن يكون نبيلاً، وأن يتحلّى بالصبر فالمرأة هي الأم، وهي الزوجة، وهي الأخت، وهي الابنة، وهي قبل كل ذلك وبعده إنسانة، فيجب التعامل معها على هذا الأساس، والمحافظة على كرامتها وسمعتها. Ibrahim.badawood@gmail.com