مؤخرًا، قال أحد أعضاء المجلس المحلي بإحدى المحافظات «الحمد لله تم إغلاق مبلغ عتق رقبة أحد أبناء إحدى القبائل بمبلغ ستين مليون ريال!» وقدم شكره لجميع أبناء القبيلة لمساهمتهم في جمع مبلغ الدية الضخم! ولستُ أدرك سبباً لعدم دراسة ما يتعلق بالديات التي وصلت لعشرات الملايين دون تدخُّل ذوي الرأي والحل والعقد من العقلاء! وما يؤسف له دعوة رجال الأعمال والموسرين لدفع أموال زكواتهم للمشاركة في دفع الديات للقتل العمد، التي وصل بعضها إلى ستين مليون ريال. ورغم فتوى الشيخ عبد الله المنيع، عضو هيئة كبار العلماء بعدم جواز دفع الزكاة لهذا الغرض، وأنه لا تبرأ ذمة المزكي بفعله إليهم؛ فهم ليسوا من مستحقي الزكاة المذكورين في الآية الكريمة؛ لأن مصرف {الْغَارِمِينَ} مرتبط بالغرم المباح والمعتاد، وليس دفع الديات للمحافظة على حياة مجرم ظالم منتهك لحرمات الله، إلا أنه واجه موجة من الرفض من أغلب الناس وتسامحهم بجمع الزكاة ودفعها دية؛ وهو ما قد يساهم في رفع مقدارها، في الوقت الذي نطالب فيه بتحديدها منعاً للمبالغات. وقد استغل بعض وسطاء الديات وسماسرة الصلح ذلك بجمع التبرعات بطريقة عشوائية، وفرض نسبة منها لهم. وقد يؤدي ذلك للمتاجرة والتكسب بالدماء والرقاب، وحدوث مشادات بين أولياء الدم بسبب الاختلاف في قدر مبلغ المصالحة، وما يرافقها من مظاهر سلبية، كنصب الخيام، وإقامة الولائم لاستقبال التبرعات والصدقات والزكوات، وهي ظاهرة سيئة، لا تمت للإسلام بصلة، بل تخدش الصورة الإيجابية للمجتمع، وترهق أسرة الجاني. والأمر يستوجب الحزم، وتثقيف الناس وتوعيتهم وعدم التعاطف مع الجاني أو تحريض أسرة المجني عليه بالمبالغة بطلب الدية طالما وُجد من يخضع ويوافق ويدفع، كما يلزم توجيه مشايخ القبائل إلى وقف المزايدات والمبالغات وتطويل فترة مشاورات دفع الديات التي لا تخلو من ترقب أهل الجاني وتوسلهم العفو والصفح بأي ثمن، وبين أهل القتيل الذين ما زالوا يتألمون من فَقد عزيز لديهم؛ وهو ما يستوجب تدخل الحكومة، ووقف أشكال المزايدات كافة وجميع مظاهر المبالغات!
مشاركة :