يحقق الاقتصاد في الإمارات قفزات نوعية، حتى في ظل الوضع الاقتصادي العالمي المتأزم. ففي الوقت الذي يجري فيه الحديث عن إمكانية دخول اقتصادات دول متقدمة وناشئة مرحلة ركود، بفعل الآثار التي يتركها التضخم على الساحة، والتداعيات المتبقية لجائحة «كورونا»، إلى جانب الحرب الدائرة حالياً في أوكرانيا، يمر الاقتصاد في الإمارات في مسار مستدام نحو تحقيق مزيد من النمو، وتمكين القواعد التي يقوم عليها. في الأزمات يظهر مدى قوة هذا الاقتصاد أو ذاك، وفيها أيضاً، تبرز التوقعات الإيجابية للمرحلة المقبلة. وهذه الأخيرة ليست براقة على الساحة الدولية في الوقت الراهن على الأقل، وسط انشغال العالم بكيفية السيطرة على الموجة التضخمية التاريخية الراهنة، واحتواء آثارها المتصاعدة. فقد اقترب التضخم في بلد كبريطانيا (مثلاً) من 10%، وبلغ في الولايات المتحدة أكثر من 8%. تتفق الجهات الاقتصادية الدولية، على أن نمو الاقتصاد في الإمارات سيبلغ 4% تقريباً خلال العام الجاري. وهي نسبة مرتفعة جداً مقارنة بحجمها في بقية دول المنطقة. صندوق النقد الدولي يتحدث عن 4.2% هذا العام و3.8% في العام المقبل. وتذهب مجلة «ايكونومست انتلجنس» البريطانية الرصينة أبعد من ذلك، لتتوقع نمواً في العام الحالي بنسبة 5.3% وفي السنة المقبلة 5.1%. ما يعزز جملة من الحقائق، في مقدمتها التوجهات التحفيزية التي اعتمدتها الدولة في الآونة الأخيرة، بما في ذلك تلك التي اتخذتها في مواجهة آثار أتت بها جائحة «كورونا»، إلى جانب المبادرات الكبرى التي تم اعتمادها في هذا السياق، ضمن رؤية توائم وتدعم كل المستهدفات التي وضعتها في الفترة الماضية. لا شك في أن النمو المرتفع في الإمارات الذي تتوقعه كل الجهات الاقتصادية الدولية المختصة، يعود أيضاً إلى نجاح البلاد في ترسيخ دعائم اقتصاد قوي تنافسي، يمكنه أن يواجه ليس فقط التطورات الدولية، بل والمتغيرات أيضاً. فتماسك الاقتصاد الوطني، حافظ على الثقة الكبيرة فيه، عبر تدفق الاستثمارات، وتشجيع الأعمال، وفتح الطرق أمام المشاريع التي تشكل في النهاية إضافة داعمة، وتعزيز أدوات التنافسية، وتعميق استراتيجية التنوع الاقتصادي. والنقطة الأخيرة ظهرت جلياً من خلال تنامي حصة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، كما أنها عززت القدرة على مواجهة التحولات بأعلى معايير الجودة. ومن هنا، يمكن النظر إلى النمو الاقتصادي الذي اتخذ سمة المستدام، حتى في ساحة دولية تكاد تكون متغيرة بصفة شبه يومية في الوقت الراهن. ولا بد من الإشارة أيضاً، إلى أن النمو حافظ عن مستواه التصاعدي منذ سبعينيات القرن الماضي، حتى في ظل ظروف متغيرة بعضها كان مشابهاً لتلك الحاضرة على الساحة حالياً. النمو المستدام في الإمارات، بات جزءاً أصيلاً من حراك اقتصادي يقوم على التنوع والتنافسية والمرونة والانفتاح، ومشاريع التحفيز، كما يستند إلى ميدان يوفر له أدوات داعمة في أوقات الأزمات، أو في أزمنة الاستقرار العالمية.
مشاركة :