استطاعت المرأة السعودية ،بجدارة، أن تنتزع واحداً وعشرين مقعداً في المجالس البلدية ، ليتم تتويج جهودها الوطنية وسعيها للاعتراف بأهليتها الكاملة بهذا الفوز الجميل .وذلك رغم العوائق ، وأولها منعها من التواصل المباشر مع «الناخبين « -وهم غالبية المصوتين- لطرح برنامجها الانتخابي ورؤاها،إلى آخر المتناقضات العجائبية التي كانت تربطها دوماً بحبل التبعية والوصاية - منذ بداية التسجيل حتى يوم الاقتراع- في حين أنها تُرشِح وتترشَح لمجلس رقابي تشريعي في مدينتها !.ناهيك عن معارك الممانعات التي مافتئت ترمي بحمولاتها وثقلها، لتصد المجتمع عن انتخاب المرأة ، وتمعن في تخويفه تارة بدعاوى الفتن والتغريب وأخرى بمزاعم المؤامرة !.فضلاً عن الثقافة المتجذرة في المجتمع ، والتي تربط المرأة دوماً بالنقص ، والضعف ، والجبن ، والتخاذل ، والتزعزع ، وعدم القدرة على اتخاذ القرار ..، إلى آخر الخصال المذمومة التي تصر الثقافة على وصم «كافة» جنس النساء بها، في تعميم مجحف عارٍ من الصحة والمنطق!.فحسَنُ الشمائل، من حسم وعزم، وقوة ، وحسن تصرف ، ورأي سديد، وشجاعة ، وغيرها من الخصال المحمودة ، لا يمكن أن يكون حكراً لجنس دون الآخر!. لكل ماسبق أسعدني هذا الفوز ، لما يحمل في طياته من دلالات رمزية ، تشي بانفراجة ما في النظرة النمطية للمرأة ، ولما يضمّن من إزاحة- ولو نسبية- لأفكار وصور متكلسة عششت طويلاً في اللاوعي الجمعي عن مكانة المرأة وقدراتها، فالمرأة اليوم نالت ثقة الناخبين -رجالاً ونساء-، الذين منحوها أصواتهم رغم حائط الممانعة الصلد !. ولعلّ حضور المرأة في هذه الدورة الانتخابية أضفى عليها بعض الزخم والحياة ، وجذب أنظار العالم لها ، بعد أن فقدت زخمها الأول، بعد دورتين لم ترقَ فيهما لمستوى الطموح الشعبي ! ومن هنا سيسعدني أكثر أن أرى مجالس بلدية تتوهج بالأعضاء الفاعلين من الرجال والنساء ، القادرين على صناعة تغيير نوعي ، وأن أرى وأسمع صدىً حقيقياً لصلاحيات هذه المجالس، وقراراتها على أرض الواقع يعيد للمواطنين الثقة فيها . إن ممارسة حق الانتخاب والترشح يصب في تكوين وعي سياسي لايمكن أن يتحقق إلا بالتراكم ، والممارسة الفعلية على أرض الواقع . ومن هذا المنطلق أحيي كافة المشاركين وخاصة السيدات منهم ، اللواتي اخترقن حواجز الممانعة وأثبتن مواطنتهن الفاعلة ، وأطالب بمنح النساء حظاً وافراً من مقاعد التعيين ، وأن لا تحرم المرشحات اللواتي لم يفزن ،ممن أثبتن جدارتهن ولم يسعفهن الحظ، من التعيين. ختاماً ، ليس غريباً أن تحضر ذات الأسئلة الممجوجة عن « شكل « حضور المرأة ، ولكن الغريب والمرفوض أن يجيب مدير عام شؤون المجالس البلدية والقروية -والمفترض أنه موكل بتحقيق هذه المشاركة على وجهها الأكمل وليس إجهاضها - إجابة تفيد نفي المرأة ، بالتأكيد أن حضورها لن يكون مباشراً كما ورد في صحيفة عكاظ !! فبماذا تختلف سيدات المجلس البلدي عن أخواتهن الشوريات أو عضوات الغرف التجارية؟! amal_zahid@hotmail.com
مشاركة :