اعتبر محللون وأكاديميون أن الدبلوماسية العراقية نجحت خلال العامين الماضيين في إعادة البلاد إلى محيطها العربي والإقليمي والدولي، بشكل يبتعد عن سياسة المحاور والأقطاب، ليقيم علاقات متوازنة تساهم في استقرار المنطقة بشكل عام. وأشار المحلل السياسي الدكتور سعدون الساعدي إلى أن الدبلوماسية العراقية تطورت كثيراً بعد مجيء حكومة مصطفى الكاظمي. وقال لـ«الاتحاد»: «منذ تولي الكاظمي للسلطة، قامت وزارة الخارجية العراقية بإقامة نوع من التوازن في العلاقات الإقليمية والدولية، وأعُلن أيضاً أن الحكومة بعيدة عن المحاور والخلافات بشؤون الآخرين، وأن العراق لن يتدخل بالأزمات، وأنه سيكون جسراً لالتقاء الفرقاء، لذلك دأبت وزارة الخارجية على مدى عامين إجراء رحلات مكوكية إلى دول عربية إقليمية ودولية لشرح السياسة الخارجية للعراق أمام المجتمع الدولي». وأضاف الدكتور الساعدي: «نجحت حكومة الكاظمي نجاحاً منقطع النظير في نسج علاقات عراقية إقليمية ودولية، ومن اللافت للنظر توجه العراق إلى عمقه العربي المنقطع تقريباً منذ عام 2003، حيث شهدت العلاقات مع الأشقاء العرب تطوراً ملحوظاً، وبدأ العراق يتعافى ويعود إلى محيطه والتوجه إلى اتفاقات عربية - عربية، منها الاتفاق مع الأردن ومصر للخروج بمجلس اقتصادي مشترك يضم العواصم الثلاث». وأشار الساعدي إلى تتويج العلاقات مع المحيطين الإقليمي والدولي بعقد مفاوضات بين عدة دول في بغداد، ونتج عنها أن تكون بغداد مركزاً دبلوماسياً مهماً. وأكد الدكتور الساعدي أن العراق الآن يعتبر في مفترق طرق، وبصدد تشكيل حكومة جديدة ومن مصلحته أن يمد هذا الزخم الدبلوماسي وأن يستفيد مما تجريه حكومة الكاظمي من إقامة علاقات وإنجازات على المستوى الخارجي عربياً وإقليمياً ودولياً. بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد ورئيس مركز «التفكير السياسي» الدكتور إحسان الشمري، أن العراق اعتمد في الفترة الأخيرة مبدأ التوازن في علاقاته الخارجية وهو في مرحلة متقدمة عن الوضع السائد في عهد الحكومات السابقة. وأشار الدكتور الشمري في تصريحات لـ «الاتحاد» إلى أن «مبدأ التوازن بالعلاقات راكم نجاحات السياسات العراقية الخارجية، خصوصاً إذا ما نظرنا إلى المؤتمرات التي عُقدت والتعاون الذي جرى ما بين العراق والأردن ومصر وطبيعة الانفتاح على دول الخليج العربي، جميعها أصبحت رصيداً كبيراً جداً لقيام العراق بدور الوساطة في المحيط الإقليمي، وقد أعطى العراق حافزاً ليعيد مكانته الجيوساسية، وهذه العودة أعطته مساحة أن يكون فاعلاً وأن يُنظر للعراق على أنه دولة يمكن الوثوق بها بكل المستويات». وأضاف: «إذا ما تمت مراكمة هذه الأعمال مع الأخذ بعين النظر الانتقال إلى سياسة جديدة في العلاقات الخارجية، وهو مبدء دبلوماسية العلاقات الضامنة، فهو مهم جداً لمستقبل العراق، أي لا بد من مغادرة مبدء التوازن الفاعل والبدء بمبدأ جديد هو الدبلوماسية الضامنة مع دول الارتكاز العربي والدولي، هذا يمكن أن يحقق تقدماً كبيراً ليس فقط على المستوى الخارجي بل على المستوى الداخلي».
مشاركة :