صدرت الميزانية المرتقبة للدولة وبالرغم من الظروف الصعبة التي تمر بالإقتصاد العالمي والتراجعات الكبيرة لأسعار النفط والتي وصلت إلى مستويات لم تصل اليها منذ 11 عاماً إلا أن العجز الذي أعلن عنه والذي تم تقديره بـ 326 مليار ريال كان مخالفاً للتوقعات إذ كان من المتوقع أن يتجاوز العجز هذا الرقم وذلك في ظل التحديات الاقتصادية والمالية والإقليمية وتراجع نمو الاقتصاد العالمي إضافة إلى غياب الاستقرار في دول الجوار . إنها ميزانية التحدي والتحول ولكي تحقق هذه الميزانية أهدافها الطموحة فلابد من إطلاق برنامج الإصلاحات الإقتصادية والذي أعلن عنه في برنامج التحول ،إضافة إلى تفعيل إعادة الهيكلة الشاملة ودعم برنامج التكامل الشامل لبناء اقتصاد قوي يقوم على أسس متينة ومتعددة لمصادر الدخل بحيث تعمل على نمو المدخرات وزيادة فرص العمل وتقوية الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص ،إضافة إلى تنفيذ المشاريع التنموية والخدمية، وتطوير الخدمات الحكومية المختلفة، ورفع كفاءة الإنفاق العام، ومراجعة منظومة الدعم الحكومي، مع التدرج في التنفيذ لتحقيق الكفاءة في استخدام الموارد والحد من الهدر، ومراعاة تقليل الآثار السلبية على المواطنين متوسطي ومحدودي الدخل، وتنافسية قطاع الأعمال. كانت تلك الضوابط والمعايير التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين لتنفيذ بنود الموازنة الجديدة مع تأكيده على المسؤولين بتنفيذ مهامهم على أكمل وجه وخدمة المواطن الذي هو محور الاهتمام وعدم قبول أي تهاون فى استمرار مراجعة أنظمة الأجهزة الرقابية بما يكفل تعزيز اختصاصاتها والارتقاء بأدائها لمهامها ومسؤولياتها بما يحفظ المال العام ويحاسب المقصرين . التحضير لهذه الميزانية وفي ظل التحديات الحالية كان مختلفاً عن إعلان الميزانيات السابقة فقد سبق الميزانية ورشة عمل رئيسية دعي لها عدد من الوزراء كما دعي لها مجموعة من أفراد المجتمع وتم خلال تلك الورشة طرح برنامج التحول الوطني ، تلي ذلك خطاب خادم الحرمين الشريفين في الدورة الجديدة لمجلس الشورى والذي أوضح من خلاله نهج الدولة والأسس التي ستسير عليها خلال الفترة القادمة، ثم جاء الإعلان عن مؤتمر صحفي للميزانية بصورة جديدة تجمع عدداً من الوزراء ومسؤولين في أرامكو وسبق ذلك كله نشر العديد من التقارير المالية العالمية التي تؤكد متانة الإقتصاد السعودي مما يؤكد بأننا أمام ميزانية استثنائية هي بداية الطريق في مسيرة التحول . لقد ألغت الميزانية المعلنة جميع التوقعات المتشائمة للمستقبل وفتحت باب الأمل على مصراعيه فقد ركزت على التنمية الشاملة والمتوازنة والإصلاح الإقتصادي الموكل لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية كما حرصت على تنويع مصادر الدخل ومواصلة سعيها لتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين وزيادة فرص العمل مع ترشيد الإنفاق ورفع الكفاءة ، أما ماظهر من عجز فهو ليس فقط بسبب انخفاض أسعار النفط بل كان أيضا بسبب حرص الدولة على مواصلة الإنفاق الحكومي على المشروعات التنموية والاقتصادية من أجل التطوير والبناء والاستثمار في المستقبل وذلك بالشراكة مع القطاع الخاص . ليس لدينا خيار آخر سوى أن نسعى للتحول والتغيير وأن نعمل بجدية من أجل تحقيق الأهداف والتطلعات وأن تكون لدينا قناعة بأن الأمور لن تتغير من تلقاء نفسها بل لابد من التخطيط والعمل والمتابعة والإنجاز . Ibrahim.badawood@gmail.com
مشاركة :