أي تحوُّل -بغض النظر عن طبيعته- عادةً ما يأتي من خلال احتياجات يفرضها الواقع ويتم تبنِّيه من خلال جهة تنفيذية تحرص على تطبيقه، وقد يكون من السهل وضع الخطط والدراسات لذلك التحوُّل، غير أن تطبيق تلك الأفكار على أرض الواقع وتهيئة المجتمع لتقبُّل تلك الفكرة والتفاعل معها والتعايش مع آثارها أمر في غاية الأهمية، لأن التحول ببساطة يقوم على التغيير، ومقاومة التغيير يُعدُّ طبيعة بشرية يمكن تجاوزها بالعلم والمعرفة والتأهيل والتوعية، وهذا ما ساهم في نجاح العديد من التحولات في بعض الدول حول العالم. التحول في أي مجتمع يبدأ من خلال تغيير المفاهيم والأنماط السائدة وإعادة تكييف بعض العادات والتقاليد والقيم المجتمعية وتطويرها وفقًا لأهداف هذا التحول، وهذه التغييرات تحتاج إلى وقت، كما تحتاج إلى تدرُّج في التطبيق، والقيام بحملة ضخمة مُبكِّرة لتوعية وتهيئة المجتمع ليواكب تلك التغييرات. في سبيل تحقيق الأهداف الطموحة لـ(رؤية 2030) تم إطلاق برنامج التحول الوطني 2020، وقد كانت أبرز أهداف البرنامج الإستراتيجية المعلن عنها هي توليد أكثر من 450 ألف وظيفة في القطاعات غير الحكومية والمساهمة في تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص وغيرها من الأهداف الطموحة، والتي استبشر بها المجتمع وحرص على تشجيع البرنامج فور الإعلان عنه، خصوصًا وأنه سيساهم في رفع كفاءة الإنفاق وتحقيق التوازن المالي. مجتمعنا ولعدة قرون اعتاد الناس فيه على أنماط معيشية معينة، فبضل الله ثم بفضل حكومتنا رعاها الله عاش الناس في أمنٍ وأمان، ووفرت لهم العديد من الخدمات العامة المجانية، كما شمل الدعم الحكومي العديد من المنتجات والخدمات، وقد بدأ برنامج التحول 2020 هذا العام بموجة رفع أسعار بعض الخدمات العامة والمشتقات البترولية، وقد استوعبها الناس بعد حملة إعلانية وتوعوية لبعض القطاعات، وفي المقابل تم إعادة النظر في تسعيرة المياه لتصحيحها، واليوم جاءت الموجة الثانية للتحوُّل من خلال خفض رواتب الوزراء ومكافآت وبعض مخصصات أعضاء مجلس الشورى، إضافة إلى وقف المكافآت السنوية والبدلات وبعض المميزات المالية، والتي تؤثر بشكلٍ مباشر على دخل الفرد. برنامج التحول 2020 انطلق وأصبح واقعًا، ولم يَعُد فكرة، بل أصبح جزءًا من حياتنا، وعلى الرغم من أهميته الإستراتيجية وقناعة معظم فئات المجتمع واستعدادهم للتعايش معه، إلا أنه لا يزال يحتاج إلى توعية وتهيئة لأفراد المجتمع بخطواته التنفيذية وقراراته، خصوصا ما يتعلق بدخل الفرد أو نفقاته اليومية، فعلى الرغم من استيعاب ضرورة اتخاذ مثل هذه القرارات الهامة لمواكبة الأوضاع الاقتصادية الراهنة، غير أنها تحتاج إلى إعلان مبكر وتوضيح أكبر للتفاصيل، ليعمد الناس إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة، والاستعداد لهذا الأمر للتأقلم مع الأوضاع الجديدة. Ibrahim.badawood@gmail.com
مشاركة :