الحوكمة الرشيدة والدور المتنامي للحكومات «2 من 2»

  • 12/3/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

وضعت دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية سياسات مشتركة للأسعار ومساندة الدخل. وركزت حكومتا الهند وبيرو على خفض الضرائب على البنزين والديزل، بينما وضعت السلطات البرازيلية سقفا للأسعار. وفي الإكوادور، تبلغ قيمة الدعم الممنوح للوقود والأسمدة 0.8 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. وتنعكس هذه التغيرات في النشاط الحكومي على إحصاءات الحسابات القومية أيضا. فعلى مستوى العالم، قفزت نسبة الإنفاق العام إلى إجمالي الناتج المحلي من 25.9 في المائة في 2008 إلى 34.1 في المائة في 2020، ومن المرجح أن ترتفع مرة أخرى في 2022. ويمكن ملاحظة هذه الزيادة في مختلف المناطق، زيادة بـ5.9 نقطة مئوية بين 2008 و2020 في الاتحاد الأوروبي، و5.5 نقطة مئوية في العقد الثاني من القرن الحالي في أمريكا اللاتينية. تخبرنا التجربة المكتسبة من الأزمات السابقة أن ثلاث قنوات رئيسة لنظام الحوكمة تتطلب تعزيزا عندما تواجه الحكومات مطالب متزايدة من مواطنيها. أولا، تتطلب زيادة الإنفاق العام نظاما أكثر كفاءة للمشتريات العامة، وذلك للإسراع بمعالجة التدفق الأكبر للمشاريع. وتفرض بعض الحكومات إيقافا مؤقتا على إجراءات الشراء الموحد، على حساب جهود الشفافية ومكافحة الفساد. وبدلا من ذلك، يمكن منح مزيد من السلطة التقديرية للجهات التنظيمية في الدول ذات رأس المال البشري المرتفع والضوابط والتوازنات التنظيمية الداخلية المثبتة. ثانيا، تتطلب برامج الدعم الجديدة عمليات إفصاح و/ أو مراجعة محددة لضمان تحقيق الأموال للغرض المقصود منها وعدم إغفالها. وفي الأوقات العادية، قد تستغرق عمليات الإفصاح ومراجعة أنشطة القطاع العام أعواما إن كانت مطلوبة على الإطلاق. وفي الأزمات، يمكن استخدام تكنولوجيا جديدة لاستكمالها بسرعة. ويمثل الدعم تحديا مماثلا لتحديات المشتريات العامة، حيث يوجد في أوقات الأزمات توتر طبيعي بين السرعة وإمكانية الفساد وعدم الكفاءة وإساءة الاستخدام. أخيرا، فإن زيادة ملكية الدولة للأصول الإنتاجية، على سبيل المثال في قطاعي الرعاية الصحية والطاقة، تعني أن حوكمة الشركات المملوكة للدولة تتطلب اهتماما جديدا. في الأغلب ما يكون هناك توتر في المؤسسات المملوكة للدولة بين أداء وظيفة السياسة العامة وإدارة منشأة أعمال تتسم بالكفاءة. وأثناء الأزمة، يحظى أداء وظيفة السياسة العامة بالأولوية. لكن السياسات العامة تتفاعل بسرعة مع أي أزمة آخذة في التطور - على سبيل المثال عند شراء أجهزة التنفس الصناعي أو دعم بحوث اللقاحات - ومن ثم يجب تزويد مجالس الشركات المملوكة للدولة بمهنيين قادرين على تمييز هذه الاتجاهات. ونظرا إلى أن معظم الدول في هذه المرحلة ليست لديها القدرة على التحول نحو نماذج الشراكات بين القطاعين العام والخاص "على سبيل المثال، الإخفاقات الأخيرة في جهود التخصيص الكبيرة في أنجولا أو إثيوبيا أو زيمبابوي"، فإن التركيز يجب أن ينصب على تحسين حوكمة الشركات المملوكة للدولة. ومع ذلك، فإن هذا الأمر يمثل تحديا أكبر بسبب انخفاض هياكل الرواتب والحوافز المالية التي لا تتسم عموما بالقدرة على المنافسة مع القطاع الخاص. ويجب تحديث هذه الهياكل مع وضع بروتوكولات توظيف شفافة في الوقت نفسه. ويتمتع البنك الدولي بخبرة واسعة في العمل مع الحكومات للتغلب على أوجه القصور في حوكمة القطاع العام. وتمثل الأزمات دوافع لتعزيز هذا العمل من خلال تحديد الروابط الضعيفة في سلسلة تقديم الخدمات العامة وتقديم الحلول. غير أن الدروس الرئيسة يمكن استخلاصها من الأوساط الأكاديمية. إن تكنولوجيا التنبؤ بالأزمات الاقتصادية تتطور باستمرار، ومعها قدراتنا على التنبؤ بالأزمات في المستقبل. وهذا يجعل من الممكن تحسين آليات الحوكمة قبل الهياج الذي يحدث أثناء الأزمات. وأفضل سبيل لتحقيق هذه التحسينات هو في الأوقات العادية استعدادا للصعوبات الماثلة أمامنا.

مشاركة :