بيروت - عادت قضية مقتل جندي ايرلندي من قوات حفظ السلام الأممية 'يونيفيل' في اعتداء استهدف آلية تابعة للكتيبة الايرلندية في منتصف الشهر الحالي في معقل حزب الله بجنوب لبنان إلى الواجهة بعد اعتقال مشتبه به من أنصار الجماعة الشيعية اللبنانية في التورط في الاعتداء. ويأتي ذلك بعد أنكر الحزب أي صلة له بالهجوم وحاول التقليل من أهميته باعتباره حادثا غير مقصود، لكن التطورات الجديدة تشير إلى أنه تراجع عن إنكاره وأبدى تعاونا من خلال تقديم أحد مناصريه كبش فداء للتغطية على مسؤوليته عن الهجوم. وإذا ثبت تورط أحد مناصري حزب الله في ذلك الاعتداء وليس عضوا فإن ذلك لا يعفي الجماعة الشيعية من المسؤولية خاصة مع تواتر خطابات التحريض والتهديدات المبطنة. ولا تتعلق التهديدات فقط باليونيفيل ففي أكثر من مرة وجهت مباشرة لخصوم سياسيين أو لإسرائيل وهي تهديدات دأب الحزب الشيعي على اطلاقها. وكان حزب الله قد سارع للنأي بنفسه عن تلك الحادثة ودعا إلى التمهل في انتظار نتائج التحقيق وعدم الزج باسمه في ذلك الاعتداء الذي أدانته الأمم المتحدة والمجتمع الدولي. وقال وفيق صفا مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في جماعة حزب الله اللبنانية عقب الاعتداء، إن ما أدى لمقتل جندي أيرلندي من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان هو "حادث غير مقصود"، مضيفا أن حزب الله ليس ضالعا في الأمر. لكن الحادثة جاءت بعد أشهر من توتر أشاعه حزب الله بانتقاداته الواسعة لقرار تجديد التفويض للقوة الأممية تضمن تعديلا يتعلق بحركتها لناحية أنها لا تحتاج إلى "إذن مسبق أو إذن من أي شخص للاضطلاع بالمهام الموكلة إليها ويُسمح لها بإجراء عملياتها بشكل مستقل". وحملت انتقاداته تحريضا مبطنا ضد قوات حفظ السلام الأممية، بينما كانت الجماعة اللبنانية قد استخدمت المنطق ذاته في حوادث داخلية أو مواجهات مسلحة مرددة في تهديدات مبطنة أنها لا تضمن السيطرة على غضب جمهورها ومناصريها. وبعد يوم من الهجوم قال سايمون كوفني وزير الخارجية والدفاع الأيرلندي حينئذ لهيئة البث الرسمية 'آر.تي.إي' إنه لا يقبل تأكيدات حزب الله بأنه ليس متورطا، مضيفا "لا نقبل أي تأكيدات حتى يكون لدينا تحقيق شامل لاستبيان الحقيقة الكاملة". واليوم الاثنين قال مصدران أمنيان ومتحدث باسم حزب الله إن الجيش اللبناني اعتقل مطلع الأسبوع مشتبها به رئيسيا في واقعة مقتل الجندي الأيرلندي من قوات 'يونيفيل' وذلك في خطوة جرت بالتنسيق مع الجماعة المسلحة ذات النفوذ السياسي والعسكري الواسع. وقال المتحدث باسم الجماعة الشيعية لرويترز إن الرجل مناصر للجماعة المدعومة من إيران والطرف السياسي المهم في لبنان لكنه ليس عضوا بها. وقال المصدران الأمنيان إنه يُشتبه بأن الرجل أطلق أعيرة نارية على مركبة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) أثناء تحركها في جنوب البلاد يوم 15 ديسمبر/كانون الأول. وقُتل الجندي شون روني (23 عاما) في الحادث، وهو أول هجوم على مهمة حفظ السلام في لبنان يوقع قتلى منذ 2015. وأنكر حزب الله رسميا تورطه في الأمر ووصفه بأنه "واقعة غير متعمدة" بين سكان البلدة واليونيفيل فحسب. وتزاول اليونيفيل أعمالها في لبنان منذ 1978 لحفظ السلام على طول الحدود مع إسرائيل. وتوسعت بعد قرار الأمم المتحدة الذي أوقف حرب إسرائيل وحزب الله في جنوب لبنان عام 2006.
مشاركة :