فنُون البَلَاغة كَثيرة، مِنهَا الطِّبَاق، والجِنَاس، والتَّشبيه، وتَأكيد المَدح بِمَا يُشبه الذَّم، والاقتِبَاس، والاستِشْهَاد.. ولَن أُعدِّد هُنَا فنُون البَلَاغَة، فهي كَثيرة، ولَكن سأَكتفي بِمَا يُسمَّى الاقتِبَاس والاستِشْهَاد..! إنَّ الاقتِبَاس -في أَبسَط مَعانيه- هو أَنْ تُدخل كَلام غَيرك في كَلامك، مِن بَاب دَعم الفِكرة وتَقويتها.. أمَّا الاستِشْهَاد -في أَيسر صُوَرِه- فهو أنْ تُعضِّد فِكرتك، وتُساعدها وتَسندها..! وتَتمثَّل قوّة الاقتِبَاس في شَجاعتك؛ حِين تنْسِب أَصل الفِكرة إلَى غَيرك، لأنَّ الإنسَان - غَالبًا - إذَا أَبْدَع، فهو يُبدع مِن مَحصول قِرَاءَاته التي يَهضمها، ويُعيد إنتَاجها عَلَى الوَرق، ظَنًّا مِنه أنَّها مِن إبدَاعه، ومَا عَلِمَ أنَّها مِن حَصيلة قِرَاءَاته، وقَد قِيل قَديمًا: (مَا الأَسَد إلاَّ خرَاف مَهضُومَة)..! كَمَا أنَّ الاقتِبَاس؛ يَدخل عَلى ثَقافة المُستَخْدِم لَه، فهو يَستدعي فَواكه الآخرين إلَى مَائدته، وصَحن إبدَاعه، ولقَد صَدَقَت الفَنَّانة الألمَانية «مَارلين ديتريش» حِين قَالت: (إنَّ الاقتِبَاسَات تُشعرني بالبَهجة، فأنَا أَرَى الأفكَار التي أَحملها، وقَد عَبّر عَنهَا بأسلُوب أكثَر جَمَالاً أَشخَاصٌ؛ اعتَبرتهم أكثَر حِكمة منِّي)..! أمَّا الفَيلسوف «برنارد شو»، فقَد أوصَاني قَائلاً: يَا أَحمَد -أَمزَح طَبعًا- (اقتَبس أقوَالي كَثيرًا، فذَلك يُثري الحوَار)..! إنَّ الاقتِبَاس فَنٌّ لَا يُجيده إلاَّ الكِبَار، الذين يَعرفون أَمَانة العِلْم، ويُقدّرون سِعة الاطّلاع، ويُحبُّون التَّبحُّر في صدُور الرِّجَال وبطُون الكُتب.. كَمَا أنَّه -أي الاقتِبَاس- دَاعمٌ قَويٌ للأفكَار، وأحيَانًا قَد يُسَاعدك عَلى حَسْم الأمُور، حِين تَكون حَائِرًا بَين فِكرتين، فتَقرأ كَلامًا لغَيرك، يُؤيِّد إحدَى الفِكرتين، أَو يَنسفهما مَعًا..! حَسنًا.. مَاذا بَقي؟! بَقي التَّذكير بأنَّ الاقتِبَاس فَنٌ لَا يُجيده؛ إلاَّ الرَّاسخون في الكِتَابة والمَعرفة، وحتَّى تَكون هَذه الكِتَابة مُتكَاملة، هُنَاك عِدّة مَواقع جَادَّة مَليئة بالاقتِبَاسَات، ومُفيدة جِدًّا، وتَصلح لمَن يُريدون أنْ تَكون تَغريدَاتهم بَاذِخَة، طَافِحَة بجَودة الفِكرة، وحُسن العِبَارَة، ومِن تِلك المَواقع: مَوقع http://www.eqtibas.com، ومَوقع http://mmaqara2t.com، ومَوقع http://www.adab.com، خَاصَّة تِلك النّقوش السَّاخِرَة السَّاحِرَة؛ التي يتحفني بِهَا القَائمون عَلى المَوقع؛ مُنذ أكثَر مِن 5 سَنوَات..!! تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com