منح الأراضي التي تم توزيعها على المواطنين خلال العقود الأربعة الماضية ومنح الأراضي الزراعية التي تم تحويلها الى مخططات سكنية في المدن والمحافظات ومنح الأراضي الكبيرة التي بقيت محتكرة تسببت في وجود فجوة بين الاستفادة منها وتطويرها وتوفر الخدمات الرئيسية مثل الكهرباء والمياه والصرف الصحي وكذلك الاتصالات. فقطاع الخدمات لا يستطيع مواكبة السرعة التي يتم فيها تحويل هذه الأراضي الى مخططات سكنية وفي مناطق متباعدة. هناك مخططات سكنية منحت لمواطنين مضى عليها أكثر من ثلاثين عاما ولم تصلها اهم خدمتين وهما الكهرباء والمياه فما بالك في بقية الخدمات وبعضها يقع داخل النطاق العمراني للمدن الرئيسية والمحافظات وبقيت بيضاء تتم المتاجرة فيها بدون الاستفادة من تطويرها. فسح المخططات ومنح التصاريح بدون توفر الخدمات كان بسبب الطلب العالي على المساكن وضخ صندوق التنمية العقاري للقروض بشكل مستمر والذي زادت وتيرته خلال السنوات الخمس الماضية وهناك عشرات الآلاف من المقترضين ممن ظهرت أسماؤهم خلال هذه الفترة لم يستفيدوا من القرض لعدم توفر الأرض. ومنذ عقد تقريبا أصبح من المستحيل الحصول على منحة ارض في المدن الرئيسية على عكس المنح في القرى والمحافظات والمدن الصغيرة والتي ظلت مستمرة ومتاحة والحصول عليها أسهل بكثير من المدن الكبرى مثل الرياض ومكة المكرمة وجدة والمنطقة الشرقية والمدينة المنورة وابها والباحة. من هنا قام معظم الاهالي بتقديم طلب منحة الأرض لأبنائهم في سن مبكرة وفي مسقط رأسهم حتى يضمنوا حصولهم على الأرض خلال عشر سنوات كمعدل ومن ثم التقديم على طلب قرض الصندوق العقاري ومن هنا تبدأ رحلة الانتظار الطويل مع الأمل في الحصول على القرض بأسرع وقت ممكن ومن ثم نقل المنحة الى المدينة الرئيسية التي يقطنها صاحب القرض. مشكلتنا اليوم تكمن في مواكبة الخدمات بالأحياء الجديدة التي اكتظت بالسكان ومعظمها لا يتوفر فيه سوى الكهرباء فقط فلا ماء ولا صرف صحي او مدارس او مستوصفات ومستشفيات ويبقى الضغط على الاحياء المجاورة للاستفادة من الخدمات المتوفرة. اليوم يبقى المواطن على امل الحل الشامل من قبل الجهات الحكومية والتي ظلت مسئولياتها مبعثرة بين عدة قطاعات. ولعل تحويل معظم هذه المسئوليات من وزارة الشؤون البلدية الى وزارة الإسكان يضع هذه المشكلة تحت المجهر لتكون عملية تقديم الخدمات متوازية ومتكاملة وبشكل عادل بين الاحياء. مشروع أرض وقرض الذي أعلنته وزارة الإسكان سيكون بمثابة طوق نجاة لكثير من المواطنين الشباب والشيبان أملا في اختصار الزمن والحصول على تسهيلات لم تكن متاحة من قبل وتحديدا تزامن الحصول على الأرض والقرض في نفس الوقت وفي أحياء تتوفر فيها الخدمات.. ولعلها بداية حل الأزمة.
مشاركة :