تهجم بوتين على الغرب في خطابه بالأمس كأنه نسى أنه هو الذي قرر غزو أوكرانيا، وأعلن أنه سيواصل حربه في أوكرانيا وأنه من المستحيل هزيمة بلده. تناسى بوتين أن قبل غزوه لأوكرانيا زاره كل من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في ٢٠٢١ وبقي ساعات يناقشه ويحاول إقناعه بعدم خوض حرب على أوكرانيا . كما أنه نسى أن المستشار الألماني اولاف شولتز زاره أيضا في محاولة مماثلة. يتهم بوتين الغرب بأنه يريد التخلص من روسيا في حين أنه بغزوه لأوكرانيا هو الذي يريد إنهاك بلده بالعقوبات والانهيار الاقتصادي على المدى الطويل تماما كما كان يتكلم الرئيس العراقي صدام حسين قبل غزوه الكويت، وادعى أن يسود دول الغرب شعور مناهضة للروس.. فكيف سيؤيده الغرب وهو يغزو دولة على باب أوروبا ويجعل الحرب تهدد دول الاتحاد الأوروبي الذي تم إنشاؤه بهدف السلام في القارة الأوروبية! بوتين أدخل بلاده في حرب اعتقد أنه سينتصر في غضون أيام ويحتل كييف عاصمة أوكرانيا ولكنه سرعان ما واجه مقاومة أوكرانية مدعومة بقوة من القوى العظمى الأمريكية مع رئيسها جو بايدن العازم لهذا التأييد إلى النهاية . الرئيس الامريكي السابق باراك أوباما مسوؤل عن ترك بوتين يهيمن في سورية. فالخط الأحمر الذي تكلم عنه أوباما مع بوتين حول استخدام حليف بوتين بشار الأسد السلاح الكيمياوي كان بمثابة كلام دون تنفيذ . لقد استخدم الأسد السلاح الكيمياوي ولم يكن هناك أي خط أحمر أمامه، بعد ذلك تراجع أوباما عن قراره مع الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند في ٢٠١٣ عن ضرب القواعد الجوية للأسد منعا لاستخدام قنابله لقتل شعبه . بوتين في ذلك الوقت دخل سوريا مرتاحا لأنه لا أحد يمنعه من بسط قواعد بحرية على المتوسط ليهيمن على المنطقة . فبعد دخوله سورية وعدم مبالاة الغرب بهذه الخطوة اعتقد بوتين ان ردة فعل الغرب ستكون مثل حسابات أوباما في سورية وفي العراق حيث سحب أوباما قواته من العراق تاركا البلد لسيطرة إيران . إلا أن بايدن ليس أوباما ولو أنه كان نائب رئيسه إضافة إلى أن أوكرانيا للشعب الامريكي ليست سورية . فأوكرانيا تعني للغرب أنها أوروبا والدول التي تحررت من الاتحاد السوفييتي مثل بولاندا ومولدافيا وغيرها من جيران أوكرانيا هي تحت حماية اميريكية . اعتقد بوتين أن بإمكانه استعادة جمهوريات الاتحاد السوفييتي فهو تربى ضمن مؤسسات استخباراتها وهو طامح إلى استعادتها . رغم أنه يظن أنه سينتصر في النهاية و يؤكد استحالة هزيمة قواته على الأرض فهو يأخذ بلده الى تدهور اقتصادي حتمي. هذا البلد الغني بالغاز والنفط في الحرب وكان اقتصاده قبل العقوبات بدأ يتعافى بعد الكورونا في ٢٠٢١ رغم التضخم الذي أثر على قوة الشعب الشرائية وكان اقتصاد روسيا في ٢٠٢٠ في المرتبة ١١ على مستوى العالم حاليا ما زال الاقتصاد الروسي صامدا مع نمو أقوى من النمو الأوروبي حسب صندوق النقد الدولي ولكن العقوبات على النفط الروسي قد تعقد الأمور بعد فترة، فرغم الحرب انخفاض إجمالي الناتج المحلي بقي قليلا حوالي 0.2 % أي أنه لم ينهار وأن النمو قد يرتفع قليلا الى 0.3 في المئة . ولكن على المدى الطويل قد تتأثر روسيا من إيقاف امداداتها من الغاز الى أوروبا . حسب الخبراء ليس بإمكان روسيا ان تستبدل انابيب الغاز الأوروبية لصادراتها من الغاز لصادرات الى آسيا . فجميع المسوؤلين في كبار شركات الغاز يؤكدون ان هذا غير ممكن . ستبقى روسيا مع كميات كبرى من الغاز المصدر بالأنابيب في حوزتها لا يمكنها تصديرها. واضح أن بوتين يستعد إلى حرب طويلة كما أن الإدارة الأمريكية والكونغريس لن يتخليا عن دعم أوكرانيا.. والدول الأوروبية الكبرى أيضا مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا. إن خطاب بوتين مثل خطابات صدام حسين أو بشار الأسد ليس لهم علاقة مع ما يحدث على الأرض.
مشاركة :