عمّان - تقدم نور شروخ في روايتها "الورقة في الحائط" وصفا شاملا يصلح لأن يكون مدوَّنَة اجتماعيّة في عاداتِ الشَّركسِ وطباعهم، وصِلاتِ حاضرهم بماضيهم. وقد غلّفته الكاتبة في قالَبٍ سرديٍّ جعل من السهل عليه الرسوخ في ذهن القارئ. وجاءت الرواية الصادرة عن "الآن ناشرون وموزعون" في الأردن في 256 صفحة من القطع المتوسط، وتقع معظم أحداثها في ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين؛ إذ تجسد قصة حب بين شاب وشابة تنتهي بافتراقهما نتيجة الظروف المادية المتباينة بين العائلتين. وجاء على غلاف الرواية أن "السِّياقَين الزمانيَّ والمكانيَّ المرتبطَين -على ما تُنبئ به روح الرِّواية- بانتماء الكاتبة نفسها إليهما، منحا العملَ صدقًا فنيًّا عاليًا؛ فثمة أسلوبٌ سهل ممتنع، ولغة سَلسة، وشخصيَّات واقعيَّة، وأمكنة مألوفة، وأحداث يوميَّة تبدو معتادَة في ظاهرها غير أنَّ إخراجها في قالب فنِّيٍّ أدبيٍّ يحتاج قدرةً على الموهبة والابتكار، هذه العناصر ائتلفت جميعُها فمكَّنت القارئ من أنْ يُطلَّ على عمّان الثمانينيَّات والتِّسعينيِّات من القرن العشرين، ليعيش يوميَّاتِها وهمومَ ناسِها ودفءَ العلاقات في ما بينَهم". ويخوض مراد؛ بطل الرواية، مجموعة من الصراعات الإضافية التي تتعلق بمسؤوليته عن أمه وأخواته بعد وفاة والده، واضطلاعه بالمسؤولية التي تركها له والده بعد أن تعرض لعملية نصب كبيرة جعلته مديونا للبنوك؛ الأمر الذي هدد مستقبل العائلة كلها، وحدَّ من أحلام مراد وتجربته الرومانسية الوحيدة. ومن أجواء الرواية التي تظهر فيها سياقاتها الزمانية والمكانية: "كان عصر يومٍ صيفيٍّ قائظ من العام ألفٍ وتسعمائةٍ وخمسة وثمانين. اجتمع الفتية في القاعة الواسعة في الجمعية الخيرية الشركسية في وادي السير، يشربون بتعطش علب البيبسي والعصائر ليعوّضوا ما خسروه خلال الشوط الأول من لعبة الكرة في استراحة ما بين الشوطين. انسلَّ هو من بين الوجوه الحمراء المتعرِّقة والضَّحكات اللاهثة والكلمات الَّتي شابتها الحماسة الطفولية، نزل إلى الباب المؤدي إلى الساحة، ونظر إلى السور في الجهة المقابلة يقيس المسافة بعينيه. سيتعيَّن عليه أن يجري بأقصى سرعة. أخذ نفساً عميقاً وأطلق ساقيه يعدو بكل ما أوتي من قوة، ولم يتوقف حتى بلغ السور في الجهة المقابلة". ومن مشاهدها التي تظهر فيها ملامح من الفولكلور الشركسي ورقص الشباب والفتيات في الأفراح: "لم يصدق عينيه حين وقف أمامها ومد يده، فناولته يدها بابتسامةٍ رقيقة، وبدأت تنظر إلى خطواته وخطواتها محاولةً تنسيق نقطة البداية لخطوة الوجّ. كان يبذل جهداً مضاعفاً ليركّز في خطواته ولا يتعثر، في الوقت الذي كان يشعر بأذنيه تصفران لشدة توتره". ومن الجدير ذكره أن نور شروخ كاتبة من الأردن حاصلة على البكالوريوس في الهندسة الكهربائية والماجستير في الدراسات الدولية. تحمل خبرة عشرة أعوام من العمل في منظمة تابعة للأمم المتحدة، وهذا الإصدار هو الأول لها.
مشاركة :