غصة تنتابك وأنت تترك بيتك القديم وحارتك أو حيّك الذي عشت فيه.. وُلدت فيه وترعرعت وتعرفت وتعارفت وتصادقت وتآخيت حتى لو كان انتقالك إلى بيت أفضل فأنت تترك وراءك ذكريات كثيرة تظل محفورة في أعماق قلبك مهما بعدت بك المسافات. *** كتبت يوم أول أمس عن حنين أهل المدينة لمدينة الرسول التي قال فيها عليه الصلاة والسلام: (اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدّ). لكن الحنين لا يقتصر على هذه الأماكن المقدسة وحدها بل يتعلق القلب بأمكنة لا ترقى إلى هذا لكنها تظل عزيزة عليه لا ينساها. *** ولا أنسى حتى اليوم منزلنا القديم في حي الكندرة بجدة، وكان يوم سكناه من الأحياء الجديدة خارج سور جدة القديم الذي كان يحوي جدة القديمة وأهلها. وقد أصاب الوالد رحمه الله كثير من الحسرة بعد أن باعه لاحقًا، رغم أنه انتقل إلى أحد الأحياء الجديدة الأكثر تنظيمًا والأفضل خدمات، ولا أزال بين فترة وأخرى أزور هذا البيت، الذي وُلدت فيه، وأحوم حوله ربما تأسيًا بمجنون ليلى الذي قال: أَمُرُّ عَلى الدِيارِ دِيارِ لَيلى أُقَبِّلَ ذا الجِدارَ وَذا الجِدارا وَما حُبُّ الدِيارِ شَغَفنَ قَلبي وَلَكِن حُبُّ مَن سَكَنَ الدِيارا *** وأفعل ذلك أيضًا مع ديار سكنتها خارج الموطن والوطن حين أجدني في القاهرة حيث أُقيم حاليًا أتوجه للأماكن التي سكنت فيها طفلًا حين قدمت لبلد المُعز الذى أسسها لتكون عاصمة لخلافته، وعاصمة دولة الفاطميين. وهكذا.. يبدو أن الماضي يعيش فينا ونعيش فيه دون أن ندري. #نافذة: «كل ليلة أدّعي كاذبة أنني ذاهبة إلى النوم وحين أتمدد في فراشي أفتح نافذة في وسادتي وأقفز منها إلى حقول الماضي». غادة السمان nafezah@yahoo.com
مشاركة :