تشتت الاستثمار الأجنبي والضرر بالاقتصادات الصاعدة «1 من 2»

  • 4/28/2023
  • 22:47
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

توضح الخسائر على المدى الطويل التي تبلغ 2 في المائة من الناتج العالمي نتيجة تحويل وجهات الاستثمار الأجنبي المباشر سبب الحاجة إلى الدفاع بقوة عن تكامل الاقتصادات في العالم. مع تصاعد التوترات الجغرافية ـ السياسية، تنظر الشركات وينظر صناع السياسات بشكل متزايد في اعتماد استراتيجيات تجعل سلاسل الإمداد أكثر صلابة بنقل الإنتاج إلى الداخل أو إلى دول تكون موضع ثقة. وكانت وزيرة الخزانة الأمريكية قد أعربت عن رأيها في نيسان (أبريل) 2022 بأنه ينبغي للشركات أن تتحول إلى توريد سلاسل الإمداد من الدول الصديقة. وفي وقت أقرب، اقترحت المفوضية الأوروبية قانون الصناعة ذات الانبعاثات الصفرية الصافية في مواجهة الدعم الذي ينطوي عليه قانون خفض التضخم في الولايات المتحدة. والصين تهدف إلى الاستعاضة عن التكنولوجيا المستوردة ببدائل محلية، لكي تقلل اعتمادها على المنافسين الجغرافيين ـ السياسيين. وتلقي هذه الأمثلة الضوء على الاتجاه الصاعد للتشتت الجغرافي ـ الاقتصادي، كما نبين في أحد الفصول التحليلية في آخر إصداراتنا من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي. ويوضح تحليلنا لتأثير ذلك في الاستثمار الأجنبي المباشر أن هذه التدفقات قد اتسمت بأنماط متباعدة عبر الدول المضيفة، ولا سيما في القطاعات الاستراتيجية، مثل أشباه الموصلات. وكان تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر الاستراتيجي إلى الدول الآسيوية قد بدأ يتراجع في 2019 ولم يتعاف إلا بصورة طفيفة في أرباع العام الأخير، ما عدا التدفقات إلى الصين التي لم تتعاف بعد. وعلى مدار العقد الأخير، استمر الارتفاع في حصة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بين الاقتصادات المتحالفة من الناحية الجغرافية ـ السياسية، بقدر أكبر من حصة الدول الأقرب إلى بعضها جغرافيا، وهو ما يشير إلى أن التفضيلات الجغرافية ـ السياسية تدفع البصمة الجغرافية للاستثمار الأجنبي المباشر بصورة متزايدة. وتشير هذه الاتجاهات كذلك إلى أنه إذا استمر احتدام التوترات الجغرافية ـ السياسية وازداد تباعد الدول في ظل التصدعات الجغرافية ـ السياسية، قد يصبح الاستثمار الأجنبي المباشر مركزا بقدر أكبر داخل تكتلات الدول المتحالفة. وإلى جانب التحولات في التدفقات الجديدة، نبحث ما إذا كانت زيادة التشتت يمكن أن تؤدي إلى انتقال الاستثمارات المباشرة الموجودة وذلك ببناء مؤشر يقيس مدى تعرض الدول لمخاطر هذه التطورات. واقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية أكثر عرضة لمخاطر انتقال الاستثمار الأجنبي المباشر من الاقتصادات المتقدمة، وهو ما يرجع جزئيا إلى اعتمادها بشكل أكبر على التدفقات من دول أبعد من الناحية الجغرافية ـ السياسية. ويواجه عديد من الاقتصادات الصاعدة الكبيرة مخاطر من انتقال الاستثمار الأجنبي المباشر، الأمر الذي يشير إلى أن مخاطر التشتت ليست مركزة في عدد قليل من الدول فحسب. وليست الاقتصادات المتقدمة محصنة من ذلك، ولا سيما تلك التي لديها أرصدة كبيرة من الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاعات استراتيجية. وبالنظر إلى إمكانية اتساع مواطن الضعف كذلك لتطول التدفقات من غير الاستثمار الأجنبي المباشر، وهو ما يرد تفصيلا في فصل تحليلي مصاحب في عدد نيسان (أبريل) 2023 من تقرير الاستقرار المالي العالمي، من الممكن أن تتسبب زيادة التوترات السياسية في إعادة توزيع التدفقات الرأسمالية بشكل كبير على مستوى العالم. وفي حين أن هناك احتمالا بأن سلاسل الإمداد المعاد تشكيلها يمكن أن تعزز الأمن القومي وتسهم في الحفاظ على التميز التكنولوجي أمام المنافسين الجغرافيين ـ السياسيين، فإن إعادة توطين النشاط أو التوريد من الدول الصديقة إلى الشركاء الموجودين في الأغلب ما يقلل التنويع ويجعل الدول أكثر عرضة للصدمات الاقتصادية الكلية. وإضافة إلى ذلك، يشير تحليلنا الجديد إلى أن نقل الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مواقع أقرب من دول المصدر يمكن أن يضر بالاقتصادات المضيفة بالحد من إمكانات الحصول على رأس المال والاستفادة من التطورات التكنولوجية .. يتبع.

مشاركة :