تشتت الاستثمار الأجنبي والضرر بالاقتصادات الصاعدة «2 من 2»

  • 4/29/2023
  • 22:24
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

توضح الخسائر على المدى الطويل التي تبلغ 2 في المائة من الناتج العالمي نتيجة تحويل وجهات الاستثمار الأجنبي المباشر سبب الحاجة إلى الدفاع بقوة عن تكامل الاقتصادات في العالم. ويخلص تحليلنا إلى أن دخول الشركات متعددة الجنسيات في دول أجنبية غالبا ما يعود بمنفعة مباشرة على الشركات المحلية. وفي الاقتصادات المتقدمة، فإن المنافسة المتزايدة من الشركات الأجنبية تحفز الشركات المحلية على أن تصبح أكثر إنتاجية. وفي اقتصادات الأسواق الصاعدة والنامية، تعود المنفعة على الموردين المحليين من نقل التكنولوجيا وزيادة الطلب المحلي على المكونات التي تستخدم في نهاية الأمر في صناعات متممة للإنتاج. وتزداد احتمالات تحقيق هذه المنافع عندما تدخل الشركات الأجنبية بلدا لإنتاج مدخلات توردها إلى شركات منتسبة، انظر مثلا إلى مصنع أشباه الموصلات التابع لشركة سامسونج إلكترونيكس في فيتنام، الذي يصنع منتجات تباع بصفة أساسية لوحدات أخرى ضمن المجمع الكوري في أنحاء العالم. والسبب وراء ذلك هو أن هذا النوع من الاستثمار الأجنبي المباشر الرأسي متركز بين منتجي السلع الوسيطة التي تستخدم تكنولوجيا أكثر تطورا واعتمادا على المهارات. أخيرا، نستخدم سيناريوهات افتراضية لتوضيح التأثير الممكن من تشتت تدفقات الاستثمار على المدى الطويل. وعموما، فإن العالم المشتت من المرجح أن يكون عالما أفقر. وتشير تقديراتنا إلى أن الخسائر طويلة المدى في الناتج العالمي تبلغ نحو 2 في المائة من إجمالي الناتج المحلي العالمي. ويرجح أن يكون توزيع هذه الخسائر متفاوتا. وتتأثر اقتصادات الأسواق الصاعدة والنامية خصوصا بتراجع إمكانية الوصول إلى الاستثمار من الاقتصادات المتقدمة، نتيجة لتراجع تكوين رأس المال وتراجع مكاسب الإنتاجية من نقل تكنولوجيا ومعارف أفضل. وربما كان هناك من سيكسب من تحول مسار تدفقات الاستثمار، فهذه المكاسب خاضعة لقدر هائل من عدم اليقين. وبعض الاقتصادات، كتلك التي تظل مفتوحة أمام التكتلات الجغرافية - السياسية المختلفة، يمكن أن تحقق مكاسب من الاستثمار المعاد توجيهه. غير أن هذه المنافع، رغم ذلك، من المرجح أن توازنها جزئيا على أقل تقدير التداعيات من ضعف الطلب الخارجي. وعلاوة على ذلك، ففي عالم مشتت تتصاعد فيه التوترات الجغرافية - السياسية، قد يقلق المستثمرون من أن الاقتصادات غير المتحالفة ستضطر إلى الاختيار بين كتلة أو أخرى مستقبلا، وهذه الأجواء من عدم اليقين يمكن أن تفضي إلى اشتداد الخسائر. وتشير التكاليف الاقتصادية واسعة الانتشار من تشتت الاستثمار الأجنبي المباشر إلى أنه ينبغي لصناع السياسات أن يحققوا توازنا دقيقا بين الدوافع الاستراتيجية وراء إعادة توطين النشاط والتوريد من الدول الصديقة من ناحية، والتكاليف الاقتصادية التي تتكبدها اقتصاداتهم وانتشار تداعياتها إلى الاقتصادات الأخرى من ناحية أخرى. ويتبين من تقديرات الخسائر الكبيرة وواسعة الانتشار في الناتج على المدى الطويل سبب الأهمية البالغة التي يكتسبها تعزيز التكامل العالمي، خاصة مع تأييد الاقتصادات الكبرى للسياسات المنغلقة. وفي الوقت نفسه، فإن النظام الحالي متعدد الأطراف القائم على قواعد يجب أن يتكيف مع اقتصاد العالم المتغير وينبغي أن تكمله آليات ذات مصداقية لتخفيف التداعيات من الإجراءات الأحادية على مستوى السياسات. بينما عدم اليقين بشأن السياسات يفضي إلى زيادة الخسائر الناجمة عن التشتت، ينبغي اتخاذ إجراءات متعددة الأطراف لتقليل عدم اليقين إلى أدنى حد، بوسائل منها تحسين تبادل المعلومات من خلال الحوار متعدد الأطراف. فوضع إطار للمشاورات الدولية وذلك، على سبيل المثال، بشأن استخدام الدعم في تقديم حوافز لإعادة توطين النشاط أو التوريد من الدول الصديقة في حالة الاستثمار الأجنبي المباشر يمكن أن يساعد الحكومات على تحديد العواقب غير المقصودة. ويمكن لهذا الإطار كذلك أن يخفف من انتقال التداعيات العابرة للحدود بالحد من عدم اليقين وزيادة الشفافية في خيارات السياسات.

مشاركة :