أحمد العسم يكتب: من غرفة البيت

  • 5/14/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

«الحديث المبعثر من غرفة ضيقة، فاض به دمع عيون الغرفة، الحياة مجموعة من المفقودات.. الحمد لله الذي وجهني إلى هذه الغرفة وأطلعني على هذه الكراكيب وعلى الساكن وغير المتحرك، دلني عساي أن أتمكن من هذا…».. منذ وقت وشيءٌ ما يلكز انتباهي وعنه غافل إلى أن أوصلني ترقبي بالتعرف على طبع الأيام وحرك الدفء الراكد في أعماقي، وقربني من ماضٍ وحاضر وأيام، وعرفني على المتكدس، وأخذني إلى هذه الكراكيب في الغرفة، والكتب التي تشغل البال إلى نحو ما ينتهي، مشغول الحال تزداد حيرتي، كيف ليدٍ ترتعش ترتيب هذه العبارات غير المسبوقة، أمسكت بدفء يدي وبعضي وبدأت من هذه الزاوية التي تتخذ موقفاً من الكتب والبُعد عن قراءتها، حتى وجدت مكاناً لها تختبئ من اضطراب الحروف وصور الكتب وانفعالات الكاتبين، ورَصَدت معي حزن مصمم الأغلفة، حرّكت الظلمة يد الأشياء التي جئت بها من أماكن متفرقة كتذكار من أمكنة عدة كنت فيها. لم يجدني في أسئلتي قلبي، ولكني وجدته متألماً، يرى غفلتي وكأن الرياح مرت عليه تشبه ذاك الذي يدخل أعماق الماء من صدر البحر، ويتركه يهذي في فوضى غير قادر، ذاك الذي غرف في «بحر ستين» وفي أعماق تغط كل المكتبة القديمة التي تقرأ أسئلتي التي تؤرقني دائماً، ومثل هذه الوقفة مع اللوحة المضطربة، الشجرة التي لا تحمي ظلها، وبعين مصابة بالضبابية وجدتني بين كل تلك الكراكيب وحيداً، وما أثاره فينا الصمت من عتب، حاولت أن أجمع الحيرة في كيس والوقت في كيس أكبر، وأحضرهما في زاوية، وأتركها معلقين على مشبك قديم متهالك، أبحث لثورتهما في عقلي عن سبيل يمكنني من فرض هيمنتي عليهما، هنا أدركت أهمية كل شيء نشتريه وننساه ونذكره في لحظة خاصة في الضمير، عن أشياء غائبة وبسبب غفلة الحياة لنا إلى أضواء مصنوعة ورفاهية غارقة في النسيان، أدركت أن الانقطاع وعدم التواصل سلبية، ويجب بين حين وحين نعود إلى ذاك الشغف، حين بدأنا نشتري أو نهدي كتاباً أو تذكاراً، أعرف قسوة النسيان وقوته وعناده عند استعادته، وحين نفر إلى البدائل نجدها تحتاج إلى تفسير توجهنا إلى التحري وتربطنا بحبل يشدنا إلى حبل.. آخر إلى … الريح تشق طريقها/ لا تنظر خلفها/ تمزح مع الماء/ هارب من عين/ القادم بعد موجة عالية وسريعة/ «مر هذا العام وكل ظنّي في أوّله وهذي البداية شروق الشمس، وجه القمر وأنا على مركبي سارح»..

مشاركة :