تبرير الخطأ يأخذ أحيانا منحى خطيرا ويكرس لثقافة الخطأ واختراق النظام بمبرر يتم تأطيره وشرعنته بحق ضائع تارة، وإثبات موقف تارة أخرى وغير ذلك.. في مشهدنا الاجتماعي نجد حالة غريبة من تبرير أخطاء البعض مثلا عندما يحاول البعض تبرير جريمة قتل لمجرد أن المعلم لم يتم نقله للمدرسة التي يريد.. أو تبرير تصرف رجل الحسبة وسحله لفتاة النخيل مول لمجرد أن الفتاة كشفت وجهها، وآخرون سبقوهم بتبرير بعض العمليات الارهابية خاصة التي تمت في المجمعات السكنية للمقيمين الغربيين او في مساجد الطائفة المختلفة عنهم.. هل يدرك هؤلاء أنهم بتبريرهم تلك الجرائم يكرسون لثقافة التوحش وممارسات الغاب حيث يغيب القانون وتصبح الحقوق والواجبات هلامية مستباحة فيها النفوس والأعراض والاموال والغلبة للأقوى وربما الأكثر حماقة والأقل نبلا..؟ تبرير الخطأ والبحث عن تفاصيل وجذور تعطيان مبررا لهذا القاتل او مثير الفوضى ومتزعم حماية الفضيلة دون فضيلة، ذلك الفعل سيكرس ثقافة التوحش في المجتمع، ويسيء للوجه الحضاري والسلم المجتمعي، ويربك العملية الأمنية التي على الجميع حمايتها ودعمها برفض الخطأ ايا كان مرتكبه.. كونك طبيبا لا يبرر قتلك مريضك بإهمالك،، وكونك قاضيا لا يبرر ظلمك في الحكم، وكونك محتسبا لا يبرر سحلك فتاة صغيرة خرجت وهي تنعم بثقة والديها وثقتها بنفسها وبمجتمعها وعادت لمنزلها وهي تخشى كل شيء حتى نفسها.. حادثة قتل المعلم لبعض زملائه من موظفي ادارة التعليم بكل المقاييس القانونية والشرعية والانسانية تعتبر جريمة، ولكن للأسف هناك من حاول تبرير الجريمة بأن المعلم تم نقله تعسفا لمكان لا يريده رغم أنه معلم متميز.. هل يعقل أيا كانت الاسباب ان نجد عاقلا يبرر جريمة قتل لإنسان؟ وفي نفس المسار التبريري نجد من يحاول تبرير الخطأ الذي وقع فيه بعض رجال الهيئة مع فتاة النخيل حيث أساء ذلك الرجل لنفسه قبل غيره فحيث اردنا منه الشهامة في حماية فتاة وقع للأسف بتهوره في كشف سترها بإيقاعها ارضاً ما ادى لتكشفها ناهيك عن ترويعها وترويع من شاهد الموقف.. ومع ذلك وجد هذا الرجل من يبرر خطأه بل اعتبره البعض بطلا، وتداخل نقد تصرفه مع نقد مفهوم الحسبة بمجملها في الاسلام عند هؤلاء.. اعتبر هؤلاء تخطئة هذا الرجل انها تخطئة للحسبة بمفهومها الاسلامي الحق. تبرير خطأ هذا الرجل تأكيد أننا مازلنا قوم حمية وجاهلية فليس ما قام به شيء من روح الاسلام.. اشكالية تبرير الخطأ كبيرة ومضارها عالية الخطورة فحين يخطئ طبيب ويتم كف يده عن العمل فأنت تحمي المهنة بقداستها وانسانيتها.. ولا تسيء للمهنة.. وحين يخطئ فرد في اداء عمله فإن ذلك يستدعي اصلاح الخطأ إما بعقابه مباشرة او اصلاح مؤسسته بأكملها.. تبرير خطأ رجل الهيئة انه اجتهاد فرد تكرر غير مرة ما يؤكد حاجة افراد هذا الجهاز لنظام يضبطهم، ويؤطر تحركهم ويحد من اجتهاداتهم التي باتت مسيئة للمؤسسة ولمفهوم الحسبة، ولنا كمجتمع يسعى لتقديم نفسه كنموذج للمجتمع الاسلامي المتحضر.. ويقف السؤال شامخاً لهؤلاء وخاصة من أصحاب الوعي والفكر: لماذا ولمصلحة من يبررون الخطأ..؟! لمراسلة الكاتب: halmanee@alriyadh.net
مشاركة :