التفكير خارج الصندوق

  • 2/20/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

ما يميز شخصية الإيجابي أنه يدرك أن وجوده على الأرض محسوب وعمره ليس ملكا له. لا يعرف من الإرادة إلا ما يجربه ولا يعرف العقل إلا بالطريقة نفسها. فتجده يطمح لتحقيق أكبر قدر من الإنجازات بدافع حماسي يخوله لكسب ما يسعى لأجله بإصرار وإرادة. وهذا ما تجسد صورة شخصية دبلوماسي الأمة "غازي القصيبي" طيب الله ثراه. رجل رائع بكل المقاييس، استطاع أن يحقق إنجازات كبيرة وهو في العشرينيات من عمره! الوزير والدبلوماسي والكاتب، الذي كان مجرد وجوده تخفيفا من كثافة العدم. تفاصيل إنجازاته تحدثت عنه حتى بعد وفاته. دكتور في جامعة، وزير لوزارتين، كاتب كبير، دبلوماسي مرموق. جميعها مسميات تصف رجل معجزة واحد. تعدى حرصه من يحبهم ومن يعول بالغًا الكوادر من الشباب نفعًا. مما أبرز إيجابيته ما كان يتصف به من الأخلاق العالية، وكان للمكافحين الشباب النصيب الأكبر منها. فقد شجعهم وتعامل معهم كما يتعامل مع أقرب الناس إليه، حباً وتوجيهاً. في ضوء مقاله "السماء لا تمطر فرص عمل"، دعا الشباب الباحثين عن العمل إلى الإصرار في البحث. محذرهم من التواكل والتقاعس بالاستسلام في منازلهم منتظرين فرصا تقرع أبوابهم. مؤكدًا أن انتظارهم سيطول فالسماء لا تمطر فرص عمل. فقال مخاطبًا مجموعة من الشباب العاملين في شركة ماكدونالدز: "لو تسلح الشباب بما تسلحتم به من عصامية وإصرار لما وجد عاطل عن العمل في الوطن. لقد ضربتم أروع الأمثلة في السعودة". لطالما كان يردد ناصحا الناشئين الإداريين: "إن اكتشاف المرء مجاله الحقيقي الذي تؤهله مواهبه الحقيقية لدخوله يوفر عليه الكثير من خيبة الأمل فيما بعد. بين الحين والحين يجيء من يسألني عن سر نجاحي. إذا كان ثمة سر فهو أنني كنت دومًا، أعرف مواطن ضعفي بقدر ما أعرف مواطن قوتي". قامة نفتقد حسها في زمننا هذا، وبالأخص حسه الإداري المتعدي نفعه. تفكيره خارج الصندوق وعزمه على تنفيذ خططه جاعلًا من الوسط البيروقراطي الإداري آلة مولدة للمشاريع. رغم مسألة التعقيد البيروقراطي إلا أن الأهداف والطموحات تحققت في ظل حزمه في اتخاذ القرارات. فلم تكن المرونة من سماته، وقد تحدث في كتابه، حياة في الإدارة، عمن يقول إن الحرص على الشعبية هو الذي يحكم كل تصرفاته الإدارية. معترضا على ذلك، وقد ذكر موقف في هذا المجال، عندما كان عميدًا لكلية التجارة بجامعة الملك سعود. كان الجو ملبدًا بالخلافات وقتها وكانت شعبيته تحت الصفر. حدث نقاش بينه وبين زميله الدكتور سليمان السليم. قال له سليمان: "لا بد من المرونة يا غازي سوف تكون وزيرا ذات يوم". رد قائلا: "أفضل أن أكون عميدًا فاشلًا على أن أكون عميدا شكليا. وإذا كانت المرونة طريق الوزارة فلا أريد الوزارة". فمكانة القيادة في وجهة نظره لا تقدم على طبق من ذهب بل تنتزع بالإصرار والطموح، وشدائد يلوث غبارها الساعدين. وأزمات تترك أثرها على أقدامنا. ستصبح إيجابيته مثلًا يضرب. فكما كان يقال بين العرب قديما.. هذا كرم حاتمي؛ سيقال، هذا إنجاز قصيبي.

مشاركة :