تحدثنا في المقال السابق عن اتجاهات الاستثمار الجريء، ودعونا نسلط الضوء على صناعة الطاقة ومدى علاقاتها مع الاستثمار الجريء. وتنافس الطاقة بقية الصناعات في جذب الاستثمار الجريء عالميا على الرغم من أنها ليست المفضلة للمستثمرين، مثل صناعات البرمجيات والأدوية والتقنية الحيوية. ومع ذلك، يتم ضخ الأموال في بعض الشركات الناشئة للطاقة، ويعوز السبب إلى الوعي المتزايد إلى إيجاد مصادر طاقة بديلة، فضلا عن إمكانية تحقيق أرباح كبيرة. إن هناك عددا قليلا من صناعات الطاقة المختلفة التي تتلقى معظم تمويل الاستثمار الجريء في الطاقة، وتعد الطاقة الشمسية واحدة من أكثرها شعبية وجذبا، ويوجد كثير من إمكانات النمو في هذا المجال، وتعد طاقة الرياح أيضا قطاعا متناميا آخر، حيث أصبحت أكثر كفاءة. كما أن هناك مجالات أخرى تهم شركات الاستثمار الجريء تتمثل في تخزين الطاقة وتقنية الشبكات الذكية والفحم النظيف، وكلها مجالات يوجد فيها كثير من الإمكانات الواعدة للابتكار والنمو والتطور. لقد أصبح العالم أكثر رقمية بشكل متزايد وصناعة الطاقة ليست استثناء من ذلك حيث تمر هذه الصناعة بتحول رقمي وتلعب الشركات الناشئة دورا كبيرا في هذا التحول. ففي العقد الماضي، شهدنا زيادة في تمويل الاستثمار الجريء للشركات الناشئة في صناعة الطاقة، وأسهم الاستثمار الجريء في 2018 في نحو 13.5 مليار دولار في شركات الطاقة الناشئة، وهو أكثر من ضعف المبلغ المستثمر في 2014. وتعزى أسباب اهتمام الاستثمار الجريء في شركات الطاقة الناشئة إلى أن صناعة الطاقة ضخمة، حيث تصل قيمة صناعة الطاقة العالمية إلى ستة تريليونات دولار، ومن المتوقع أن تقفز إلى ثمانية تريليونات دولار بحلول 2030، وهذا يمثل فرصة كبيرة للشركات الناشئة التي يمكنها الاستفادة من هذه السوق. ومن المعروف أن صناعة الطاقة تمر بمرحلة انتقالية كبيرة من خلال مصادر الطاقة المتجددة، وهذا التحول يمنح فرصا كثيرة للشركات الناشئة التي تعمل على حلول للطاقة النظيفة. ولأن صناعة الطاقة اقتحمت العالم الرقمي، فقد أدى ذلك إلى تغير وتسارع وتيرة الطريقة التي تعمل بها صناعة الطاقة، ونقلة كبيرة للشركات الناشئة التي تطور تقنيات رقمية جديدة. وبالطبع لا تخلو صناعة الطاقة من تحديات كبيرة، ولا يزال العالم يجابه أزمات مستمرة للحصول على الطاقة التي تتعرض صناعتها لضغوط من أجل إيجاد حلول مناسبة لها، وبالفعل تمثل هذه التحديات فرصا كبيرة أمام الشركات الناشئة التي تعمل على إيجاد حلول مبتكرة لصناعة الطاقة في العالم. دعونا الآن نقدم أمثلة لشركات طاقة حظيت بأكبر قدر من الاهتمام من رواد الاستثمار الجريء، والتي منها "سن باور" SunPower، وهي شركة رائدة في أنظمة الطاقة الشمسية وتصنيع الألواح الشمسية، حيث تلقت هذه الشركة أكثر من مليار دولار من تمويل الاستثمار الجريء في الأعوام القليلة الماضية وحظيت منتجاتها بشهرة كبيرة عالميا وانتشار واسع في صناعة الطاقة الشمسية. وتعد "تسلا موتورز" كذلك واحدة من أشهر شركات المركبات الكهربائية في العالم، وتلقت الشركة أكثر من أربعة مليارات دولار من تمويل الاستثمار الجريء. أما شركة نيست لابز Nest Labs، فهي شركة أتمتة منزلية استحوذت عليها "جوجل" مقابل 3.2 مليار دولار في 2014، وحصلت على تمويل الاستثمار الجريء بأحجام مختلفة، وتصنع الشركة منظمات الحرارة وأجهزة كشف الدخان التي يمكن التحكم فيها عبر تطبيق الهاتف الذكي. وتعد "برايت سورس إنيرجي" BrightSource Energy شركة تطوير رائدة لمحطات الطاقة الشمسية، وتلقت أكثر من مليار دولار من تمويل الاستثمار الجريء. هذه الشركات سالفة الذكر ليست سوى عدد قليل من الشركات العديدة التي اجتذبت اهتمام الاستثمار الجريء في صناعة الطاقة... يتبع.
مشاركة :