لقد وصل تمويل الاستثمار الجريء في مجال الطاقة إلى مستويات قياسية في الأعوام الماضية، حيث ضخ مليارات الدولارات في الشركات الناشئة بدءا من الطاقة الشمسية وانتهاء بالمركبات الكهربائية. ويمكن القول إن صناعة الطاقة مهيأة لاستمرار النمو والتوسع والانتشار في الأعوام المقبلة مع ضخ استثمارات بمليارات الدولارات كل عام. ونطمح أن يكون تمويل الاستثمار الجريء في المملكة في صناعة الطاقة عاليا، بمشاركة فاعلة من الشركة السعودية للاستثمار الجريء وشركات الطاقة في المملكة. لقد أنشئت شركات تمويل الاستثمار الجريء تتبع الشركات الأم، مثل شركة أرمكو فيتشنر Aramco Venture، ونطمح أن نرى بقية اللاعبين في صناعة الطاقة والكهرباء في المملكة أمثال: الشركة السعودية للكهرباء، وشركة مرافق الكهرباء والمياه في الجبيل وينبع، تنشئ شركات الاستثمار الجريء في مجال الطاقة والكهرباء لاستخدامها والاستفادة منها ودعم مكونات صناعة الطاقة السعودية. وتواجه شركات الطاقة الناشئة تحديات عديدة في المراحل المبكرة للحصول على الاستثمار الجريء، ومنها الحاجة إلى عرض قيمة واضحة ونموذج أعمال متطور ووجود فريق إداري قوي وخبير وبناء سجل حافل بالنجاح. ومن المعلوم أن شركات الطاقة الناشئة تنطلق قدما وتزهو قيمتها السوقية بعد نجاح النموذج التجريبي والتأكد من النتائج والدروس المستفادة منه، لكن هذا مكلف كثيرا ويثقل كاهل المؤسسين ما يسبب في توقف بعض الشركات الناشئة لعدم وجود ممول صريح لبناء النموذج التجريبي. وقد نتساءل جدلا عن طرق وأساليب معينة تدفع بالاستثمار الجريء في صناعة معينة مثل الطاقة. إن للسياسات الحكومية تأثيرا عميقا في حجم تمويل الاستثمار الجريء الذي تتلقاه الشركات الناشئة في مجال الطاقة. ففي الولايات المتحدة، على سبيل المثال، تقدم الحكومة الفيدرالية إعفاءات وحوافز ضريبية للمستثمرين في أنواع معينة من مشاريع الطاقة والتي يمكن أن تشجع وتجذب شركات الاستثمار الجريء للاستثمار في تلك المشاريع. وتضع الحكومة أيضا أهدافا للطاقة المتجددة يمكن أن توجد سوقا للتقنيات الجديدة، وتوفر إجراءات وسبلا مرنة للشركات الناشئة. وفي الصين أيضا، استثمرت الحكومة بكثافة في الطاقة المتجددة، وأدى ذلك إلى طفرة في تمويل رأس المال الجريء للشركات الناشئة في مجال الطاقة. واستثمرت شركات الاستثمار الجريء مبلغا قياسيا قدره 15 مليار دولار في شركات الطاقة الصينية الناشئة في 2015. كما أتاحت الحكومة الهندية إمكانات داعمة لصناعة الطاقة، ما أدى إلى قيام شركات الاستثمار الجريء باستثمارات تفوق 4.5 مليار دولار في شركات الطاقة الهندية الناشئة بين 2014 و2016. ويجب ألا نغفل أن السياسات الحكومية قد يكون لها جانبان، إما تأثير إيجابي أو تأثير سلبي في تمويل رأس المال الجريء للشركات الناشئة في مجال الطاقة. فمن الممكن للسياسات الإيجابية أن تصنع أسواقا للتقنيات الجديدة وتوفر حوافز ضريبية للمستثمرين، لكن يمكن للسياسات السلبية أن تجعل من الصعب على شركات الطاقة الناشئة الحصول على التمويل الذي تحتاج إليه للنمو وتوسيع نطاق أعمالها وأنشطتها. من جانب آخر، لطالما اعتمد الاستثمار الجريء على التقنيات الرقمية الجديدة لدفع الاستثمار والنمو. لقد كانت أوعية الاستثمار الجريء من أوائل المستثمرين في شركات رائدة، مثل: أبل وجوجل ومايكروسوفت، وما زال ينجذب الاستثمار الجريء إلى الشركات الرقمية المتطورة التي تستخدم تقنيات جديدة لإنشاء منتجات وخدمات جديدة. ويبحث الاستثمار الجريء عن التقنيات الجديدة التي تقود مستقبل الاقتصاد، مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والبلوكتشين والحوسبة الكمومية وبقية تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، وتتمتع هذه التقنيات بالقدرة على إنشاء قيم جديدة وتحويل الصناعات الحالية، وستظل رؤوس الأموال الجريئة في طليعة الاستثمار فيها مع استمرار ظهور التقنيات الجديدة.
مشاركة :