نفاجأ في كثير من الحوارات التي تبث عبر القنوات الفضائية، أو في الإذاعة أو التي تنشرها الصحف والمجلات مع بعض الكتاب والكاتبات من الجيل الجديد انقطاع صلتهم بالأجيال التي سبقتهم، قراءاتهم للأسف تدور حول أسماء محدودة، وبعضهم يحرص على طرح أسماء لكتاب عالميين كدليل على اتساع ثقافتهم، لا بأس من ذلك، ففي هذا الزمن لم يعد الحصول على كتاب أمراً صعباً، ولكن المزعج هو الموقف من التجارب الكتابية السابقة، فالبعض لايرى مطلقاً أن هنالك مبدع في الخليج وبالطبع السعودية من ضمنها، يستحق أن يقرأ له، وهذا ما شاهدته في إحدى القنوات الفضائية، حيث فوجئت بحوار مع شاعرين أجرته بروين حبيب، ألغوا التجارب الإبداعية التي سبقتهم، وعلى رأسها ما أبدعه كل من غازي القصيبي ومحمد الثبيتي، لن أطرح اسمي هذين الكاتبين، ولن أتناول طرحهما، ولكن أعود للحديث عن هذه الفجوة الكبيرة بين الأجيال، حيث أن جيل مابعد الألفين لايعترف مطلقاً بأجيال السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات "لا أقول كلهم"، ولكن فعلاً عندما نسأل أي كاتب قصة عن إبداع أحمد السباعي مثلا، أو عبدالله السالمي، أو حمزة بوقري، وهنالك قائمة طويلة، نجد أن ذلك الكاتب أو الكاتبة لايعرف أو لا تعرف هؤلاء المبدعين. نحن نحتاج إلى رابط بين الأجيال، ونحتاج ألا يكون هنالك تعالياً من قبل الجيل الجديد، فمثلا محمد حسن عواد له تجارب شعرية متميزة، من المفترض أن تطلع عليها الأجيال الجديدة، وما كتبه أجيال الرواد به كثير من التميز يستحق التقدير والوقوف عنده وتقديم الدراسات حوله. ربما يقول البعض أن أغلب أعمال هؤلاء المبدعين غير متوفرة في المكتبات العامة، والحصول عليها صعب، وربما أصبح أغلبها في حكم الكتب النادرة، وهنا تكون المسؤولية على عاتق المؤسسات الثقافية، وبالذات وزارة الثقافة والإعلام، ففي معرض القاهرة الدولي وفي جناح الهيئة المصرية للكتاب، كانت جميع كتب رواد الثقافة والأدب في مصر مطبوعة طبعات مختلفة أغلبها شعبية، وتباع بأثمان زهيدة، لماذا لا تكون هنالك حملة لرصد كل الأعمال القديمة والنادرة لكتب الرواد، والأجيال التي جاءت بعدهم، الهيئة المصرية طبعت كل أعمال جمال الغيطاني بعد وفاته، ما ذنب الأديب الراحل إبراهيم الناصر، عندما تدفن ذكراه مع رفاة جسده، أين ما قدمه كاتب ومفكر ومثقف شامل مثل عبدالله نور، ربما سيسأل الجيل الجديد من عبدالله نور، ولهم الحق بالسؤال، أين إنتاجه، وغيره كثير، نحن نمارس طمس ذاكرتنا الإبداعية، بدون تعمد، ومن سيأتي من الأجيال الجديدة سيكون له العذر عندما يقول ليس لدينا رواد. هنا أنا أرفض التعالي من قبل الجيل الجديد، وعدم الاعتراف بمن سبقهم، في الوقت ذاته المؤسسات الثقافية مطالبة بجمع شتات الثقافة السعودية قبل أن تختفي تماماً.
مشاركة :