احتفى فرع رابطة الكتاب الأردنيين في إربد بتجربة محمد الصمادي القصصية رعاها الشاعر عاقل الخوالدة مدير ثقافة إربد في "بيت عرار الثقافي"، شارك الناقد والكُتاب: أحمد طناش الشطناوي، عبدالرحيم جداية، محمد فتحي مقداد من سوريا ود. فاطمة يوسف، وأدار مفرداتها الكاتب والمصور الفوتوغرافي صالح حمدوني وسط حضور لا فت من الأدباء والمثقفين والمهتمين. حمدوني في استعرض لشهادته حول الصمادي قال فيها: يرصد محمد الصمادي المشهد من زوايا مختلفة غير متوقعة، لذا تبدو مدهشة وغريبة، مفاجِئة ربما، وعادية تماماً أحياناً. لكن العادي عند الصمادي يرقى إلى مستوى أهمية الفعل، فعله هو في الرصد والكشف. محمد الصمادي يستفيد من تقنية الكاميرا وقدرتها على التسجيل، لديه ذاكرة ضخمة، ذهنه يعمل بشكل متواصل على طريقة التصوير المتتابع كي لا تفوته لقطة، ويعبّر في كثير من اللحظات بتعليقات ساخرة أو جادة، لكنه لا يستهزئ أبداً، فهو أكبر من هذا السلوك. وأكد أن من يقرأ محمد الصمادي وكان شخصاً متّزناً سيتلفّت حوله معتقداً أن الصمادي يتابعه، ومن كان فاعلاً وصادقاً سيعتقد أنه المقصود في واحدة أو أكثر من قصص أو تعليقات الصمادي، لذا سيكون من الجيّد أن يُعيد تقييم ذاته ومراجعة سلوكه. أما "المتمسح" فلن يلقِ بالاً لما يقرأ، ولن يتحسّس "البطحة" التي على رأسه. أما الشاعر أحمد طناش في مداخلته النقدية التي جاءت بعنوان: "جرعتان والبقية تفاصيل.. بين ما يرى وما لا يرى" أشار فيها: جرعتان والبقية تفاصيل، هذه المجموعة القصصية التي عنونها الصمادي بعنوان أغفل فيه كل التفاصيل ولم يقم لها وزنا، لكن المبحر بين نصوص هذه المجموعة القصصية حتما سيكتشف أنه قد أوغل بالتفاصيل ولكن بمشهد قصصي لا يتبع لمنظومة متتالية الأحداث، إذ أنه جعل التفاصيل هامشا ومتنا بنفس الوقت، فتراه يضع تلك التفاصيل في غير المكان الذي يجب أن تذكر فيه، وهذا الأسلوب الما بعد حداثي الذي طرقه الصمادي في سرده، ورد بطريقة عبثية منتظمة. وخلص إلى القول: إن الداخل إلى عالم الصمادي القصصي سيجد الكثير مما يراه ولا يعرفه، وحتما سيخرج بعلم وافٍ عنه، وأيضا الكثير مما يعرفه ولكن لا يراه، وحتما سيخرج باحثا عنه حتى يراه في واقعه، وهذا ما جعل من نص الصمادي نصا واعيا ناقدا للحالات السلوكية الاجتماعية، ورسالته لا يختلف فيها فهي رسالة سامية تحقق مرام الأدب وغاياته الحقيقة. من جهته الناقد عبدالرحيم جداية قدم قراءة أسماها "ملامح العبث في مجموعة جرعتان والبقية تفاصيل" للقاص والمصور محمد الصمادي بيّن فيها: أن القاص محمد الصمادي في مجموعته القصصية "جرعتان والبقية تفاصيل" يعالج الموت والحياة وبعيدا عن الحياة يهتم أكثر في مجموعته القصصية بحتمية الموت التي هي النهاية الطبيعية لكل مخلوق على هذه الأرض وإن طال أجله فسؤال الموت أجهد الوجوديين واستثمره الروائيون والمسرحيون العرب والغرب حين يكون تيار العبث تقنيتهم في مجال السرد الروائي والمسرحي. ويؤكد جداية أن الصمادي كاتب مفكر ينظر إلى الفرد وإلى المجتمع لا ينسى زوجته، وجارته، وعلاقاته الاجتماعية، فهو صاحب قصة "لا شيء يدوم لي" وصاحب قصة "يحدث هذا غالباً" والعديد العديد من القصص في هذه المجموعة القصصية التي تشير إلى شخصيات نظر إليها بعين العبثيّ، فهو الذي يرى، وهو المصور الذي يلتقط أدقّ التفاصيل. الناقد السوري محمد المقداد قدم لفتات حول تجربة "محمد الصمادي" القصصيّة أشار فيها إلى أنّ نصوص القاصّ "محمد الصمادي" تتّسم بواقعيّتها البَحْتة القائمةِ على المُحاكاة، والتمثيلِ، والتأشير على بعض القضايا الاجتماعيّة عُمومًا، والقائمةِ على المنطق العقلانيّ أساسًا، بالمُحاكمة وتحليل المواقف، وإعادة تركيبها ضمن توليفةٍ سرديّة فيما بين نصوص قصصيّة قصيرة وقصيرة جدًا، تأتي أحيانًا ساخرةً حاملةً لروح الدُّعابة، لتمرير نقد بعض مظاهر السّلوك الفرديّ والجماعيّ. وبين أن ملامح تجربته القصصيّة تنضج بجلاء لا مِراء فيه من خلال مجموعته الأخيرة "جرعتان والبقية تفاصيل"، التي تُمثّل لوحاتها ومشهديّاتها تشكيلًا قصصيًا بخصوصيّة وبنكهة خاصة. الناقدة د. فاطمة عبدالرحيم تحدثت حول التغري: "جرعتان والبقية تفاصيل" للصمادي قرأتها عنها بالإنابة د. ندى الخطيب، وتناولت الناقدة خصوصية كل قصة حسب أساليب الكتابة والذي لعب فيها على أوتار الحدث، محاولا تنويع أساليبه، ليجنب نفسه التكرارية، والرتابة، والنمطية، مشيرة إلى من يقرأ المجموعة يلاحظ أن الكاتب يسعى لتكوين حيرة القارئ الضمني، لأنه يترك فراغات سردية في النصوص بلا تفسير، ويواجه القارئ بأسلوب التلغيز، إيمانا منه بإيجاد إشكالية التلقي، ووردت تقنية كسر أفق التوقع كثيرا في النصوص وتعاملت مع جزئيات النصوص، إذ كلما قرأنا مشهد أو حدث نتوقع ذهنيا أن تكون حركة الحدث سواء الداخلية أو الخارجية كالتالي... لكن القاص يكسر كل التوقعات. من جهته المحتفى به الصمادي شكر القائمين على الأمسية والمشاركين فيها، ومن تكريم المشاركين والمحتفى وراعي الأمسية الشاعر الخوالدة بالدروع.
مشاركة :