المرأة تصنع التاريخ - نجوى هاشم

  • 3/10/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

في أحد شوارع مدريد يتربع تمثال على الرصيف لامرأة تغطي شعرها وتجلس منكفئة على ركبتيها وبيدها قطعة قماش تمسح بها الأرض في انهماك، وبجانبها وعاء للماء.. الذي تسبح هي داخله بملابسها ويديها الاثنتين اللتين تمسح بواحدة، وتستند على الأخرى.. وهي مغيّبة تماماً عن كل شيء يجري حولها ومنفصلة عن الشارع والناس.. وقوتها وأحساسيها موجهتان للعمل الذي تقوم به وهو التنظيف.. لا يظهر وجهها كثيراً لأنها منكبة على الأرض.. لوحة بجانب التمثال مكتوب عليها "إهداء لكل النساء اللواتي صنعن التاريخ بصمت"..! الثلاثاء الماضي مارس احتفل العالم باليوم العالمي للمرأة والذي بدأت قصته في مارس م بنيويورك حين لجأت النساء إلى الاحتجاج على الظروف غير الإنسانية وطالبن بتحديد ساعات عمل يومياً.. لكن لم تقابل التظاهرة بالتأييد أو الدعم.. وإنما تعاملت معها الشرطة حينها بمزيد من القمع.. وبعد مرور عاماً تحت شعار "خبز وورورد" قامت بضع من عاملات النسيج بثورة احتجاجية وطالبن بنفس المطالب التي طالبت بها الفتيات من قبل حيث حملن الخبز والورود وتجولن في الشوارع مناديات بحقوقهن في خفض ساعات العمل.. بالإضافة إلى المطالبة بالتصويت في الانتخابات.. ووقف عمالة الأطفال.. ووضع حد لاستغلال أصحاب المصانع للنساء.. ولكن تدخلت الشرطة بطريقة وحشية لفض التظاهرات.. ومن هنا بدأ الاحتفال في الثامن من مارس كيوم للمرأة الأميركية تخليداً للتظاهرات اللاتي قمن بها.. وكنوع من الاعتراف بحقوقها وتقديراً لمجهوداتها.. على الرغم من أن منظمة الأمم المتحدة لم تعترف بهذا اليوم لعقود.. إلا أنها وافقت عليها في عام م..! وبمناسبة هذا اليوم نشرت صحيفة "إندبندنت" البريطانية تقريرا سنويا عن أسوأ وأفضل دول العالم للمرأة.. شمل دولة حول العالم، على مجموعة من الموضوعات بما في ذلك الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد.. نسبة النساء في الوظائف.. احتمال الوفاة أثناء الولادة.. التمثيل السياسي للنساء وانتشار فقر الدم بينهن..! ووجدت النتائج أن أسوأ دولة للنساء هي من بين الدول الأكثر فقراً التي صنفتها الأمم المتحدة بأنها أقل البلدان نمواً.. وجاءت النيجر على رأس قائمة أسوأ الدول للنساء تليها الصومال ومالي وإفريقيا الوسطى واليمن والكونغو الديمقراطية وأفغانستان وساحل العاج وتشاد وفي ذيل القائمة جزر القمر.. أما الدول الإسكندنافية فتصدرت قائمة الدول الأفضل للنساء.. وكانت النرويج في المركز الأول ثم السويد والدنمارك وفي المرتبة الرابعة أيسلندا وفنلندا وهولندا واستراليا ونيوزيلاندا وسويسرا وأخيراً بلجيكا..!! ومن المؤكد أن الدعوة الدولية التي خصصت هذا اليوم للاحتفال بالمرأة شكلت انتصاراً كبيراً لها بعد أن عانت من العنصرية والتمييز ضدها.. وكرس هذا اليوم تعزيز جميع أشكال المشاركة للمرأة ووصفها بالشريك المساوي للرجل في جميع أموره وتحقيق التنمية الذاتية من خلال ذلك والسعي لتحقيق السلام والأمن واحترام الحقوق الإنسانية وتطور وضع المرأة بشكل تدريجي لتصبح مركزاً دائماً يعالج جميع التحديات السياسية والاقتصادية في الأمم المتحدة وكافة دول العالم..! هذا العام يأتي الاحتفال مختلفاً تحت شعار الإعداد للمساواة بين الجنسين لتناصف الكوكب بحلول م.. وهو يسعى إلى بناء الزخم لتنفيذ الأهداف العالمية لاسيما الهدف الخاص وهو المساواة بين الجنسين والآخر المتعلق بضمان التعليم الجيد والمتصف والشامل للجميع ومبادرة "أعدوها" فيما يتعلق بتمكين المرأة من العمل. وتقول الأمم المتحدة إن اليوم العالمي للمرأة هو فرصة متاحة للتأمل في التقدم المحرز والدعوة للتغيير وتسريع الجهود الشجاعة التي تبذلها النساء وما يضطلعن به من أدوار استثنائية في صنع تاريخ بلدانهن ومجتمعاتهن.. وتتلخص الأهداف الرئيسية لجدول أعمال م في ضمان تمتع جميع البنات بالتعليم إلى الثانوي بالمجان وبشكل جيد ومنصف إضافة إلى أن يتاح لجميع البنات فرص الحصول على نوعية جيدة من النماء والرعاية في مرحلة الطفولة المبكرة والتعليم قبل الابتدائي.. إلى جانب القضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء في كل مكان والقضاء على العنف ضدهن في المجالين الخاص والعام بما في ذلك الاتجار بالبشر والاستغلال الجنسي وغيرهما من أنواع الاستغلال.. كذلك القضاء على الزواج المبكر وزواج الأطفال والزواج القسري وختان البنات..! وبالمناسبة قال الأمين العام للأمم المتحدة " بان كي مون " مازلت أشعر بالسخط لحرمان النساء والفتيات من حقوقهن.. لكن ما يشحذ همتي أن هناك أشخاصاً في جميع أرجاء العالم يعملون وهم مقتنعون اقتناعاً راسخاً بأن تمكين المرأة يفضي إلى تقدم المجتمعات.. وعلينا أن نخصص ما يكفي من الموارد لتحقيق المساواة بين الجنسين في العالم قاطبة، وأن نعمل بشجاعة على إذكاء وعي الرأي العام بأهمية هذا الهدف وأن ندعمه بإرادة سياسية لا تتزعزع فلا استثمار في مستقبلنا المشترك أعظم من هذا الاستثمار..! في المئة عام الأخيرة قطعت المرأة اشواطاً في الطريق لنيل حقوقها بالنضال والتضحية والصبر.. والكفاح في كل المجتمعات حتى الغربية التي لاتزال فيها المرأة في بعض الدول ورغم كل ماحققته من نجاحات ومشاركة للرجل إلا أنها لاتزال تعمل بأجر أقل من الرجل.. وفي بعض المجتمعات لاتزال تقاتل من أجل فرصة عمل ومن أجل تجنب عنف الرجل ضدها.. وتبحث عن الحماية من المجتمع الذي يتعامل معها بازدواجية.. من خلال العنف الأسري الذي يتعاطاه معها.. ومن خلال تحميلها مسؤولية العائلة في حالة غياب الرجل.. وهذه المسؤولية اجتماعية ومادية.. وتلك القوامة التي يأخذها الرجل مسمى دون فعل.. فالرجال قوامون على النساء بما أنفقوا..! الفقر أنثى.. هذه مقولة حقيقية.. فأغلب النساء يُعلن أسرا عندما يغيب الرجل وإن حضر فبحضور باهت وصوري؛ ولذلك يجاهدن من أجل حياة أفضل لأطفالهن..! كل يوم هو إنتصار للمرأة التي تبحث عن حياة أفضل وتعول أسرتها وتناضل للبقاء تتعلم وتبحث عن لقمة عيشها.. فالحياة للنساء..!!!

مشاركة :