من هناك، من تلك المنطقة الواقعة على مسافة 30 كيلومتراً شرقي مدينة العين والمعروفة بـ «أم غافة»، تلك البقعة العزيزة على قلوبنا من أرض الوطن التي يُحكى عن أهميتها أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، قد زارها أول مرة عام 1978، ثم عاد إلى زيارتها عام 2003 ومن هنا كانت لها أهميتها التاريخية، حيث أصدر، طيب الله ثراه، في الزيارتين أوامر تطويرية سامية رسمت وجه المنطقة وطوّقتها بحزمة من الضوء والجمال، حيث تم إنشاء المنازل الشعبية التي جُهزت بوسائل الراحة المختلفة، ووزّعت الأراضي الزراعية وأنشئت عيادة صحية ومدارس للبنين والبنات. كما وجَّه، طيب الله ثراه، بتعبيد طريقين للوصول إلى المنطقة، وهما شارع «أم غافة» وشارع «ملاقط»، لتظهر بعدها ملامح النهضة والعمران في «أم غافة» بعدما كانت مجرّد «سيح خالي» غير صالح للعيش فيه نتيجة وعورة الطرق، وقسوة الطقس، والبعد عن وسط المدينة. وفي انتقال المنطقة من الصحراء الجرداء إلى الحدائق الغنّاء، كان هناك أطفال يستعدون كل صباح للذهاب إلى المدرسة التي فتحت أبوابها لاستقبالهم، ومنهم من أخذته الأسفار ليُكمل تعليمه الجامعي خارج «أم غافة» والوطن، فعاد وهو يحمل الشهادات العلمية الكبيرة، وانتشر أبناء المنطقة في مواقع العمل المختلفة في الدولة، ومن تلك المدارس الحكومية انطلقت الأحلام لتصبح أجمل الحقائق. أحد تلك الأحلام كان تطلّع الطالب الصغير سلطان النيادي الذي رأى من خلال مقعده الدراسي أن النجوم التي يسامرها كل ليلة ويراقب حركتها سوف يقطفها ذات يوم ويلمسها بقلبه، من تلك المدرسة التي تدرّس المناهج الحكومية غادر سلطان إلى مراحل أخرى حتى أنهى الثانوية العامة في «أم غافة الثانوية»، ثم انضم إلى القوات المسلحة وسافر عام 2004 إلى بريطانيا ليلتحق بجامعة برايتون، فحصل على درجة البكالوريوس مع مرتبة الشرف في هندسة الإلكترونيات والاتصالات، وبعد عبوره إلى أكثر من محطة عمل في الدولة، سافر صاحب الحلم الجميل إلى أستراليا لينال درجة الماجستير في أمن المعلومات والشبكات من جامعة جريفيث، ثم حصل عام 2011 على درجة الدكتوراه في تكنولوجيا منع تسرب البيانات من الجامعة نفسها. رائد الفضاء الإماراتي الدكتور سلطان النيادي أصبح اليوم فخر الوطن، صفّقت له قلوبنا، وانتشت أرواحنا فخراً وفرحاً بإنجازه، وتطلع أبناؤنا إلى أن يكونوا مثله قادرين على تحقيق أحلامهم، ومن على مقاعدهم الدراسية سوف يحملون علم الوطن ليرفرف خفاقاً على الأرض وفي الفضاء، سلامٌ لوطن عظيم بقيادته وأبنائه ومدارسه الحكومية مصنع الرجال والنساء ومنبع كل خير.
مشاركة :