لماذا أنا هنا؟ أجدني دائما في المكان الذي ترهقني فيه الأسئلة، وتخذلني فيه الإجابات.. ماذا يمكن أن يفعل من مل السؤال والجواب؟ كل تلك الأسماء التي تخترق رأسي، من الأذن إلى الأذن أعرف أصحابها.. سافرت معهم وآكلتهم.. ربما استظرفني بعضهم لكن، هل تظن أن هذا يكفي لكي أجعلهم يتصبّحون بوجهي كلما فتحوا عيونهم؟! أو يشموا رائحتي كلما تنفّسوا الهواء من شمال أو جنوب؟! كان صباحاً مثل تلك الصباحات المتربة التي أوسعت فيها الحياة راكضًا، أو راكبًا، أقذف نفسي من باص إلى باص، وفي نهاية المضمار، أو آخر موقف كنت أجد وجوهاً كرنفالية تتوارى خلف الاقنعة.. وجوها بلا أسنان، انطفأ فوق شفاهها الابتسام .! أجفف عرق العشم وأمتح عشمًا ما عاد له ما يبرره.! كلما وجدتني أميل الى التأكسد والتكلّس ابتعدت.. لجأت إلى وحدتي التي أعشقها وتعشقني.. يسمونها عُزلة، وأسميها خلوة، أتعهد فيها جوهر الإنسان في نفسي، أحاسبها وتحاسبني في منطقة وسطى بين الماء وبين النار.. * * * أتذاكر وصديقي كل فرص الحياة التي أضعناها، حينما سمحنا لعداد السنين أن يرهبنا ويسلبنا إرادة الاختيار.. كانت مخاوفنا تجذبنا إلى الخلف من مجرّد التفكير في التغير.! هل انتهى الوقت أم لا يزال هناك متسع منه، لتحيا حياة تحبها وتحبك.. حياة تتصالح فيها مع نفسك.. * * * كنت أنظر إلى قطار آخر الليل.. تذكّرت صوت المعاون في موقف السيارات أيام زمان وهو ينادي : "يا رويكب يا رويكب.. الحق.. باقي نفر.. باقي نفر".! انطلقت السيارة بركابها، دارت كفراتها وعفّرتنا بالغبار.! قلت لزميل التعب والخوف : " ها.. رجعنا" ؟ قال وهو يقضم آخر لقمة من سندويتش البيض ويمسح فمه بكُمّه : "رجعنا".!!
مشاركة :