يمكن لتحسين كفاءة استخدام المياه أن يعوض آثار تغير الطبيعة، فمثلا في العراق مع تقلص الخسائر المحتملة في إجمالي الناتج المحلي مع كل زيادة بنسبة 10 إلى 20 في المائة في هذه الكفاءة. لا تزال الزراعة تمثل حجر الزاوية في النشاط الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث تعمل فيها نسبة كبيرة من القوى العاملة، كما أنها تمثل مصدرا حيويا لفرص العمل والدخل، ولا سيما في المناطق الريفية. في حين أن من الضروري الحد من استهلاك المياه العذبة، فإن العمل المناخي على امتداد العلاقة بين المياه والطاقة والزراعة، يمكن أن يكون له تأثير اجتماعي واقتصادي إيجابي عميق. في الضفة الغربية، يشكل الحصول على الأراضي والوصول للموارد المائية، خاصة في وادي الأردن الخصيب، مفتاحا لدفع عجلة النمو الاقتصادي عبر بوابة الزراعة. بالمثل، تلعب الزراعة في العراق دورا محوريا في تنويع النشاط الاقتصادي بعيدا عن الاعتماد الشديد على صادرات النفط. وتستلزم حماية المزارعين تغيير أنماط المحاصيل، واعتماد زراعة محاصيل تتحمل الجفاف، والتشجيع على المحاصيل عالية القيمة، وتحسين تقنيات الري، وتبني الحلول القائمة على الطبيعة. بشأن مرور عام من تحويل توصيات تقارير بشأن التنمية القطرية إلى إجراءات فعلية فقد قام البنك الدولي حتى الآن بتعبئة نحو 800 مليون دولار لتقديم مساندة مباشرة لتنفيذ توصيات التقارير القطرية عن المناخ والتنمية التي تعالج شح المياه. وتستجيب إجراءاتنا التدخلية التي تسترشد بهذه التقارير في المغرب "350 مليون دولار" والأردن "250 مليون دولار" ولبنان "200 مليون دولار" مباشرة للتحديات المعروفة والناشئة المرتبطة بالمناخ، التي تمت دراستها في هذه التقارير. تلبي المشروعات الثلاثة المشار إليها أعلاه الاحتياجات الحرجة للتكيف والقدرة على الصمود، مع إجراءات تدخلية تهدف تحديدا إلى تدعيم حوكمة المياه والمؤسسات المرتبطة بها، وتحسين الاستدامة المالية لقطاع المياه، ومساندة الزراعة المراعية للظروف الطبيعية والبيئية، ولا سيما في تعزيز كفاءة الري وإنتاجيته، وتوسيع نطاق استخدام الطاقة المتجددة لدعم التوسع في معالجة مياه الصرف وإعادة استخدامها. إن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تمر بلحظة محورية في رحلتها المناخية، وتؤكد التقارير القطرية عن المناخ والتنمية في المنطقة، رسالتين أساسيتين، هما: ضرورة بناء القدرة على الصمود في القطاعات الحيوية، مثل المياه والزراعة والتنمية الحضرية، مع حماية المجتمعات المحلية الضعيفة، وضرورة تنفيذ مسارات للحد من الانبعاثات الكربونية، حيث تتسق مع متطلبات النمو الاقتصادي وتراعي القيود التي تواجه المالية العامة. وكانت هذه التقارير فعالة في تحديد التحديات والفرص في المنطقة، وتقديم حلول قائمة على الشواهد والأدلة للتخفيف من آثار تغير المناخ. ويمثل التصدي لمشكلة شح المياه، وتبني العلاقة المتداخلة بين الماء والطاقة والغذاء، وحماية الزراعة، خطوات محورية نحو تحقيق مستقبل مستدام وقادر على الصمود. من خلال تحويل التوصيات الواردة في التقارير القطرية عن المناخ والتنمية إلى إجراءات فعلية، فإن دول المنطقة تتخذ الخطوات الحاسمة واللازمة لتمهيد الطريق نحو تحقيق القدرة على الصمود في مواجهة تغير البيئة والطبيعة، وتحقيق النمو الاقتصادي في مواجهة التحديات المتزايدة.
مشاركة :