نقص الوازع الديني | أيمن بدر كريم

  • 3/28/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

من الـمعلوم بداهة أن الوازع الديني مطلَب وأساس، وغاية أصيلة لكل الشرائع السماوية والتعاليم الدينية، لكنه على الـمستوى الشخصي ليس له معيار واضح ولا مقياس محدد، كما أن الإيـمان الشخصي يزيد وينقص، ولا يمكن الاعتماد عليه وحده في ضبط سلوك البشر، فلو كان وازع الدين يكفي، لـما أدخل النبي الكريم (صلى الله عليه وسلّم) يده في الطعام ليكشف بها البلل ويحذّر صاحبه بقوله الـمشهور: «من غشّ فليس منـّي». وأعجبُ من أُناس يصرُّون على تصوير معظم أفراد الـمجتمع السعودي أنـهم مـجبولون على الزيغ، ويحتاجون إلى وصاية دينية دائمة ومراقبة لصيقة لتصرفاتهم الإنسانية والأخلاقية، ويكرّسون فكرة أن مشكلة الـمجتمع السعودي ما تزال «نقص الوازع الديني»، وهم بذلك يقعون في تناقض واضح، ويتّهمون عقودًا من الدروس والمواعظ والـخطب الدينية والـمقررات الدراسية و»الصحوة المباركة» بالفشل في ضبط تصرّفات الناس والرقي بسلوكياتهم الإنسانية. أرى أن من الحكمة الاعتراف بقصور الوازع الديني وحده في ضبط سلوك الناس وتقليص الفساد الأخلاقي والإداري، ومن ثـمّ تطوير استراتيجية الإصلاح الاجتماعي لتشمل أيضًا تكريس وازع الأخلاق الإنسانية والقوانين الصارمة والأنظمة العادلة، فقد استغل بعضهم «وازع الدين» لتشتيت الانتباه عن الحاجة لقوانين مدنية صارمة وأهمية وازع الأخلاق الإنسانية الـمشتركة كالصدق والشجاعة والكرم والنخوة والـمروءة التي كانت أمرًا منتشرًا مستساغًا حتى أيام الجاهلية قبل الإسلام، فالاحتكام للقانون قد يحرِم بعض من نصّبوا أنفسهم وصاة على الناس من مـميزات تسلّطهم باسم الدين، وخسارتهم مكتسبات مادية ووجاهة اجتماعية، فخلال سنوات عجاف ركّز بعضهم على مظاهر التديّن وأصول العقيدة وحصار الـمرأة، دون تـجاوزها إلى سلوكيات الذوق العام وتنمية الفكر الإنساني الحضاري. انتقدتُ يومًا أداء مدير سيّء فاشل، فردّ عليّ أحدهم مدافعًا عنه: «إنـه يصلي الظهر في جـماعة»!!. ولا أدري ما أقول في هكذا ردّ من نتاج غسيل العقول وأساليب الـمزايدة الرخيصة على الدين واستغلاله في تمرير تولية الفاشلين، مع أن الأصل تولية «القوي الأمين» و»الحفيظ العليم» وتحديد مدة التكليف وحدود الـمسؤولية (على أن تأجرني ثماني حجج)، وفي قولٍ يُـنسب إلى سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أبلغ ختام: «لا تنظروا إلى صِيام أحدٍ ولا إلى صلاتِـه ولكن انظُروا إلى من إذا حدّث صدَق، وإذا ائتُمِنَ أدّى، وإذا أشفى ورِع». abkrayem@gmail.com

مشاركة :