قد فتح هذا النوع من تحليل البيانات على نطاق واسع أفقا جديدا في علم الاقتصاد قبل فترة طويلة من تمكين أوجه التقدم في قوة الحوسبة الباحثين من التعامل الروتيني مع أحجام هائلة من الأرقام. وأوضح أوتور وديمينج أنه في ذلك الوقت، "كانت مجموعات البيانات المتاحة للاستخدام العام تأتي على شرائط من تسعة مسارات في حجم البيتزا السميكة، وكان وقت استخدام الكمبيوتر يستأجر بالدقيقة حسب سرعة المعالج". وقد عرض كاتس هذا المنهج على الملأ في 1992، عندما نشر دراستين مؤثرتين. وفي إحداهما، تعاون كاتس مع أوليفييه بلانشار، خبير الاقتصاد الكلي الفرنسي، الذي شغل لاحقا منصب كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي. وبعد أن بلغ حجم البطالة ثلاثة أضعاف تقريبا في ماساتشوسيتس في الفترة بين 1987 و1991 مع اتجاه الطفرة التي شهدتها التكنولوجيا والخدمات المالية نحو الركود، بدآ يفهمان ما يحدث عند حدوث زيادة كبيرة في معدلات البطالة على مستوى منطقة ما. بدراسة البيانات الأمريكية على مدار 40 عاما لكل ولاية على حدة، خلص كاتس وبلانشار إلى أنه بينما يستغرق تعافي ولاية ما من ارتفاع حاد في معدل البطالة من خمسة إلى سبعة أعوام، فإن التراجع في هذا المعدل يعكس إلى حد كبير حقيقة ترك العاملين لتلك الولاية أكثر مما يعكس سعي أصحاب العمل لتوفير وظائف جديدة. وتستغرق عودة الأجور إلى وضعها الطبيعي أكثر من عقد من الزمن. يقول بلانشار: "لقد اكتشفنا أنماطا قوية للغاية في البيانات، وهو ما أعطى صورة واضحة عن تنقل العمالة والتطورات على مستوى المناطق". كما أوضح أن النتائج قد غيرت طريقة تفكير خبراء الاقتصاد بشأن السياسات الإقليمية في مناطق أخرى، مثل أوروبا. أما الدراسة الأخرى في 1992 التي تعد علامة فارقة فقد تناولت بشكل مباشر عدم المساواة في توزيع الدخل بين الأشخاص الحاصلين على درجات جامعية والأشخاص غير الحاصلين عليها. وقد أحدثت انقلابا في طريقة تفكير خبراء الاقتصاد بشأن التفاوت في الدخل. وأجرى كاتس وكيفين ميرفي من جامعة شيكاغو تحليلا للتغيرات التي طرأت على الأجور في الولايات المتحدة في الفترة من 1963 إلى 1987، وذلك بالاستعانة بمجموعة بيانات كبيرة من مكتب التعداد. واكتشفا أن فجوة الدخل تقلصت في الفترة من 1970 إلى 1979، ثم اتسعت على نحو كبير بعد 1979. وعزا التفكير السائد آنذاك ذلك الأمر إلى زيادة الطلب على العاملين ذوي مستويات التعليم الأعلى. بيد أن كاتس وميرفي أوضحا أن ذلك الأمر عكس أيضا انخفاضا حادا في نمو العرض من هؤلاء العاملين نسبة إلى تزايد الطلب. يقول كاتس: "عندما لا يتطور نظام التعليم، فستكون لديك فجوة متزايدة الاتساع من عدم المساواة". وذكر أيضا أن الجهود البحثية في هاتين الدراستين قد أطلقت "عملا مدفوعا بالشغف" لخوض غمار قضية عدم المساواة على مدار العقود الثلاثة اللاحقة. ويعد أحد أهم المشاريع الذي استمر أطول مدة هو تعاونه مع كلوديا جولدين في كتابهما الذي صدر في 2008 تحت عنوان "السباق بين التعليم والتكنولوجيا" The Race between Education and Technology.. يتبع.
مشاركة :