عند عامة الناس قديماً سادت ثقافة الوصفات العلاجية الشفهية. فمن جرّب وصفة عشبية كانت أو كيميائية، وارتاح منها وصفها للقريب والجار والصديق، وقال لي طبيب إنها قد تجلب نفعاً، ولكن ليس لكل الناس. واستعمل الناس قديماً هذا الأسلوب لأسباب كثيرة منها الندرة وقلة ذات اليد والاستعجال على الشفاء. الوصفات تلك كانت دائماً مصحوبة بكلمة " مْجرّبْ " أو: اسأل مجرّب ولا تسأل طبيب". ألا تجدون أننا الآن كمجتمع نعود - دون أن ندري - إلى سابق العهد، قصدي محاولة الوصول إلى الشفاء من وصفات الغير. وتؤيّد هذا التوجّه صعوبة الوصول إلى الطبيب، وطول الانتظار، وربما ضرورة الموعد المسبق، وندرة المواقف القريبة من مُقدّم الرعاية. فالمريض يقول لنفسه سآخذ ذاك الدواء من اقتراح فلان. أو سآخذه لأن الطبيب قد وصفه لي، فما عليّ إلا تكراره. أو انني أعرف ما سيصف لي الدكتور، فالأولى أن أشتريه بدل التعب. والرائج الآن وجود مواقع على الشبكة ما على المرء إلا وصف العله وملء إجابة على أسئلة الموقع، فيأتي التشخيص خلال دقائق، وربما ذكر للمستفسر اسم دواء معيّن (عموم الأطباء لا يوافقون على هذا الأسلوب العلاجي المستحدث). ويرى الأطباء أنهم ربما لا يكتبون وصفة بعينها، لكنهم – قبل ذلك – يوجهون المراجع إلى سلوك معيّن (العلاج السلوكي) أو الامتناع عن تناول هذا الغذاء أو ذاك، أو تحليل معيّن قبل كتابة الوصفة، وهذا ما لن يجده المريض في الإنترنيت. الموضوع أن الحياة ربما أعادتنا إلى ثقافة (خذ هالدواء... تراه زين ومْجرّب!) لمراسلة الكاتب: aalthekair@alriyadh.net
مشاركة :