مهما كانت الطبقة الاجتماعية في الغرب عالية كانت أو متوسطة فإن نسبة كبيرة من دخول العاملين والمستثمرين تُقتطع كضرائب لقاء ما يتمتع به المرء من بنية داخلية وصحة وأمن وتعليم. من هنا جاءت عبارة "دافعي الضرائب" كبديل قاطع وصارم إعلامياً لكلمة "الشعب". من هنا تأتي عندهم صُور مُتعددة من التكافل الاجتماعي عند حلول مناسبة زواج أو منزل جديد، وليس من العسير ولا من المتعذّر أن يرى المرء صور التكاتف الاجتماعي في المجتمع الغربي بالرغم مما يقال عنه إنه مجتمع متنافر ومتباعد ومعزول. أذكر في بريطانيا أنني وزوجتي استجبنا لدعوة زواج أحد معارفي من الإنجليز وكان من الطبقة المتوسطة. شاهدت في مدخل موقع الحفل كشفاً بأسماء بعض المدعوين، جرى تثبيته في لوحة بأرضية من القماش البني الناعم لتسهل رؤيته. ضم هذا الكشف أسماء من أهدى للعروسين هدايا عينية لها صلة مباشرة بمنزل الزوجية فتجد فلان الفلاني وحرمه قد أهديا طقم سفرة وآخر مفارش سرر وغيرها وثالث أدوات مطبخ.. والغرض من وضع هذه اللائحة الطويلة بأسماء الناس وما منحوا هو تجنب تكرار الهدية، وليس الإعلان عن الأريحية فاحترتُ في أمري وكتبت حيث تنتهي الأسماء: فلان الفلاني وأمام خانة الهدية كتبتُ كوبون من محل كذا لترك العروسين يختاران ما شاءا. مثل هذا التكافل في رأيي ألغى الحفلات الباذخة والهدايا عديمة المعنى والفائدة. وكنا في الماضي أصدق من أولئك: حيث كان المحبون والأقارب والأصدقاء سطوحاً عريضة يتكوّن منها شكل الحفل.. فهذا يتبرع بالمكان وآخر ب.. خروف، حتى الحطب كان هدية زواج مقبولة.. ودافئة.. ثم ومن ناحية ثانية إذا تدبرنا النظم الاجتماعية في الغرب وجدنا أنها من صميم ما أمر به الإسلام وإن كان ظاهرها يقوم على المال والهدايا والاقتصاد... إلا أنها فى النهاية تقود إلى تحقيق التكافل الاجتماعى الفعال الذي يقوم على تربية الأمة على العمل الاقتصادي الفعال حيث يتمازج المال مع العمل والغنى مع الفقر والقريب مع البعيد.
مشاركة :