من المعتاد أن يُحاول المُثقَّف أو المُفكِّر أو الكاتب تفسير الأحداث الجارية في معزل عن قراءتها في ضوء كتاب الله الذي يتضمن نبأ من قبلنا وحكم ما بيننا. وفي ضوء انتفاشة الباطل التي نشهدها منذ عدة سنوات، كالذي يجري في الشام أو العراق أو اليمن وغيرها. باطل يسنده باطل، فالمجرم القاتل بشّار تدعمه روسيا القيصرية وفارس المجوسية وقوات الحشد الشيعية. ومن الملاحظ أن الخبيث يتراكم بسرعة عندما ينتفش الباطل، فلا تسمع إلاّ جهرًا بالسوء وطعنًا في الحق، يمارسه بعض ممَّن اعتلوا منابر فضائية، أو أداروا برامج سياسية أو اجتماعية، أو اكتفوا بالثرثرة كل يوم على الهواء مباشرة، أو أداروا مطبوعة ورقية أو إلكترونية. هم لا يُقيمون للحق مقامًا، ولا يحفظون للمعاني السامقة قدرًا أو مكانًا. ولو أنكَ استمعتَ لإحدى فضائيات بني فارس المجوس لأدركتَ أي غثاء تتضمنه، وأي فِكر سافل تبثّه، وأي حقد تنشره!! هي نموذج فاجر للخبيث الخاسر. وفضائيات أخرى لا تُحسن إلاّ شيطنة الآخر كذبًا وتدليسًا، وبهتانًا وزورًا، وفي المقابل تمارس دعاية رخيصة مقبوحة لمن بيده مصلحتها واستمرار وجودها. وثمة أصحاب أقلام مأجورة لا تتردد في تمجيد شخوص دون مُبرِّرات ولا مُقدِّمات، كما لا تُمانع في شتم خصوم بلا مُبرِّرات ولا مُقدِّمات، وتلصق بهم كل خطيئة. وهذا التسارع في تراكم الخبيث هو مناط الشاهد من النص القرآني البليغ المعجز: (ليَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ، أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ). وقبل تراكم الخبيث يتم تمييزه عن الطيب تمييزًا لا لبس فيه، فريق هنا وفريق هناك. طيب وخبيث، وصلاح وفساد، وإحسان وتدمير. وقد تقتصر بعض التفاسير على وصف الخبيث بالمال الحرام الذي يُدفع لدعم الباطل وإعلاء كلمته، وهو فعلًا كذلك. لكنه في عصرنا الحاضر يتجاوز الدولار إلى القلم والكلمة، والمنبر والفضائية، والمجلة والصحيفة. إنَّه تمايز بين الصفوف في الدنيا، كما هو تمايز بالضرورة في الآخرة. خطَّان متوازيان متقابلان، لا يلتقيان في الدنيا، ولا يلتقيان كذلك في الآخرة. الطيّب قدره أن يكون من الفائزين، والخبيث يحمل بصمة ومصير الخاسرين. salem_sahab@hotmail.com
مشاركة :