إضاءات حول تاريخ البحرين «10»

  • 5/5/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

ثم يتناول المحاضر الدكتور مراد الجنابي أسباب معركة الزبارة فيؤكد أن ازدهار مدينة الزبارة وانتعاش الحركة التجارية فيها أدى إلى استثارة شيوخ عرب الساحل الشرقي الذين أحسوا بمزاحمة العتوب لهم. فأغارت بعض قبائل الساحل الشرقي من الخليج العربي على سفن العتوب التي في طريقها للتجارة مع الهند فدفع ذلك عتوب الزبارة والكويت للإغارة على بعض قوارب بني كعب في مدخل شط العرب وحلفائهم في بندر ريق وبوشهر. ولتعويض ما تكبّدوه من خسائر بسبب الاحتكاكات قام عتوب الزبارة بالإغارة على جزيرة البحرين في 9 سبتمبر 1782م مما اضطر حاكمها نصر آل مذكور للجوء إلى القلعة مع قواته. وعندما وصلت أنباء هذا الهجوم على البحرين 13 سبتمبر 1782م إلى حاكم شيراز علي مراد خان، أرسل أوامره إلى الشيخ نصر آل مذكور للاستعداد لمهاجمة الزبارة بمساعدة كل من شيوخ بندر ريق وجنابة ودشستان الواقعة على الساحل الشرقي. وأعد الشيخ نصر آل مذكور أسطولاً بحريًا تألف من 4 سفن جالبوت، و14 سفينة داو، بالإضافة لما يتوفر لديه من قوارب، و2000 رجل من دشستان، وتحركت هذه القوات تحت قيادة الشيخ محمد آل مذكور ابن أخ الشيخ نصر بهدف حمل الزبارة على القبول بشروطه. وفي مقابل هذا الحلف وقف عتوب الكويت بجانب عتوب الزبارة، حيث قام الشيخ أحمد آل خليفة بالتعبئة للقتال واتخذ التدابير الدفاعية لمجابهة الحصار والغزو المتوقع. فتم تموين الزبارة بما تحتاج من سلاح وذخيرة وطعام وماء استعدادا للحصار. وحشد الشيخ أحمد الرجال القادرين على القتال ووزعهم على القلعة والأسوار ووضع النساء والأطفال في مكان آمن من القلعة وعين كبار السن من آل خليفة لحراستهم. وقد اتخذ الشيخ أحمد آل خليفة فترة الحصار البحري الطويلة للزبارة فرصة لإحكام دفاعاته وتعزيز تحصيناته في الزبارة، وكان أخوه الشيخ خليفة آل خليفة ذهب لأداء الحج وتوفي هناك عام 1782 فبويع للشيخ أحمد آل خليفة بالحكم. وبعد فشل الحصار على الزبارة أمر الشيخ محمد آل مذكور بإنزال بري يوم 17 مايو 1783 في مكان يدعى عشيرج بين الزبارة وفريحة وجرت اشتباكات استمرت بضعة أيام. وفي 26 من الشهر ذاته تمكن الغزاة من الوصول للزبارة ومحاصرتها وقت صلاة الجمعة لضمان انشغال الناس بالصلاة وتجمعهم بالمساجد. وبعد انتشار خبر نزول قوات آل مذكور هب الناس للقتال فتوجهت جموع المصلين من فريحة إلى نجدة إخوانهم في الزبارة، واشتبك المدافعون في قتال مع الغزاة وثبت عتوب الزبارة ومن والاهم في مواقع القتال خارج أسوار الزبارة ولم تحرز القوات الغازية أي تقدم، فتعرضت لهجوم كاسح للقوات المتمركزة على التلال، وأخذت قوات النجدة تضربهم من الخلف وتطوقهم من كل جانب وحدثت ملحمة رهيبة قتل فيها قائد الحملة الشيخ محمد آل مذكور وعدد من رجاله البارزين وأخذت قواته تفر باتجاه سفنها. وانتهت المعركة بانتصار ساحق لآل خليفة. ثم يعدد المحاضر أسباب فشل حصار الزبارة وهي على النحو الآتي: أ. إن العتوب يحاربون في أرضهم ويستطيعون التحرك في الداخل بسهولة بينما قوات بوشهر في البحر مما يحد حركتهم. ب. ساعد الاحتماء بقلعة مرير والتحصينات الأخرى على منع قوات بوشهر من اقتحام الزبارة. ت. تسرب أسرار الحرب. ث. سهولة عملية التموين عند جيش آل خليفة لأنهم في بلادهم بينما تبعد مراكز تموين الأعداء مئات الكيلوات. ج. استماتة آل خليفة في الدفاع عن أنفسهم وعن أعراضهم. ح. ضعف معنويات قوات الشيخ نصر آل مذكور بسبب إطالة فترة الحصار وزيادة معاناتهم نتيجة نقص الإمدادات مما أدى لتسرب الملل إلى نفوسهم. خ. تضاعفت معاناة جيش الشيخ نصر بسبب قساوة الأحوال الجوية، حيث مكثوا في البحر من ديسمبر لأبريل حيث تشتد البرودة وتهب الرياح الشمالية مسببة هيجان مياه البحر. د. لم تتأثر تجارة العتوب من اللؤلؤ خلال فترة الحصار فقد كانت المواجهات سابقة لموسم الغوص. ذ. اضطرت قوات بوشهر لدى انكسارها للجوء إلى السفن الراسية في عرض البحر، وعند وصولهم وجدوا أن الماء قد جزر عنها فاندفعت قوات الزبارة للحاق بهم فادركوهم عند جزيرة قريبة من الزبارة، فاستحر القتل في صفوفهم وأطلق على الجزيرة اسم مجيتليه بسبب كثرة القتلى من العدو. ر. كان لمقتل قائد الحملة الشيخ محمد آل مذكور ابن أخ الشيخ نصر ومقتل وجهاء آخرين من زعماء الحملة أثرا في إضعاف معنويات القوات الغازية. ز. لقد كانت معركة الزبارة ضربة قاسية لحاكم شيراز وحليفه الشيخ نصر آل مذكور الذي قرر إخلاء الساحل العربي من الخليج على الفور والعودة إلى بوشهر في 12 يونيو 1783، ومن أبرز نتائج المعركة استعداد آل خليفة لفتح البحرين... يتبع.

مشاركة :