من خصمك؟ - اميمة الخميس

  • 1/18/2014
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

لو احتجت أياً من الخدمات الإنشائية التعميرية أو الصيانة أو التجديد على نطاق صغير لايتجاوز أسوار منزلك، فإنك ستضطر أن ترتاد سوقاً غرائبية عجيبة..... بلا شروط جودة، خالية من المواصفات والمقاييس، وبدون مرجعية تنظيمية، وعندما يسقط في يدك ولا تدري من هو خصمك؟ سيكون هذا بعد أن دخلت مجموعة من القوارض والمقصات منزلك فأفسدت هنا وحطمت هناك وقدمت لك خدمات متدنية خالية من الحد الأدني للخبرة أو الخلفية المهنية أو الذوق الجمالي... وغادرت دون أن يكون لك مرجعية تختصم لها... بل لا تدري حقيقة من خصمك؟ هل هو خطأ العامل؟ أم البيئة التي أنتجته واحتضنته؟ أم السوق التي يغيب عنها التنظيم؟ أعرف زميلة لي اكتشفت يوماً في منزلها الجديد أن الماء يتسرب من مكابس الكهرباء، بينما أفسدت جميع الأجهزة الكهربية لزميلة أخرى لأن من قام بتولي صيانة الكهرباء في منزلها متدرب عشوائي يصول ويجول في تلك السوق بحرية، بينما أصيبت عائلة قريبة لي بحساسية جلدية نتيجة سوء الصيانة في خزان مائه، لن أستمر في سرد القصص فالقائمة تطول دون أن يتبدى ضوء في آخر الممر. فتلك السوق رغم أنها كبيرة وذات قيمة اقتصادية هائلة، إلا أنها في مقابل ذلك تجاهر بغياب السعودة عنها، وتقدم خدمات رديئة مع فوضى مواعيد وأخيراً دون تنظيم قوائم لتسعيرة الخدمات. فتحولت إلى أحد أكبر محاضن العمالة السائبة التي تجرب أدوات تراها لأول مرة في أفنية منزلك وغرفاته والخبرة لديهم تكون عبر التجربة والأخطاء الفادحة. أذكر في (كندا) كنت بحاجة إلى تغيير كابس الثلاجة، فكان عليّ أن أبحث عن الفني المختص في (دليل الخدمات الأصفر)، ثم أهاتفه وأسجل موعداً على آلة تسجيل هاتفه وأذكر بالتحديد الخدمة التي أحتاجها والمنطقة التي أقطنها، فإذا كان لديه الحل سيرد المكالمة ومن ثم يحضر متأبطاً حقيبة أدواته بأناقة كأنه طبيب يقصد عيادته ومن ثم يشخص القضية ليعالجها ويناولنا الفاتورة التي تكون باهظة عادة، لكن ستشعر حتماً بالغبطة لأنك حصلت على خدمات مرتفعة الجودة أيضا من اختصاصي وخبير وفي نفس الوقت بإمكانك رفع شكوى ضده ومحاكمته إن أفسد أجهزتك. ولكن ما يحدث في مضاربنا مختلف جداً، فان تطلب من عامل شهادة خبرة، أو ترخيص بممارسة المهنة فهو حلم يقظة متطرف في غلوائه، لاسيما مع علمك أن تلك السوق هي فقط محطة تدريب للعابرين ومقتنصي الفرص، فالدهان يعلن فجأة عن مواهبة في النجارة، لكن نتائج عمله تجعلك على يقين بأنه راعي غنم هارب... تعلم الكهرباء في(لمبات) مخيم كفيله السابق ومن ثم أتى ليكمل دورته التدريبية في أجهزتك المنزلية. بالطبع من الاستحالة أن يصادفك في هذه السوق أي مواطن سعودي ولو عبر الخطأ... ولو حتى كسنترال يجيب على هاتف شركة صيانة تدرج إعلانها في الجريدة، فليس هناك سوى تلك اللغة الكسحاء التي نسمعها في كل منعطف في المدينة (صديق أنت روح سوا سوا نفر جيب صلح دينمو مسبح). وفي ظل غياب الرقابة وقوائم الأسعار ومرجعية الشكوى والتظلم نجد أن العامل يحدد تسعيرته حسب ظروفه المادية أو تبعاً لهيئة منزلك وماركة السيارات التي تصطف أمامه، ولن تستطيع أن تفاوض أو تقاوم لأن ليس لديك قائمة تحاججه بها، وقد اتفقت العمالة على تسعيرة مشتركة مضمرة تدر عليهم مردوداً مادياً هائلاً لن يمر بالوطن أو تلامسه أيدي المواطن، وحتما سيصبح تحويلات خارجية. تلك السوق في الحقيقة خاضعة لفوضى مرعبة... والأشد رعباً أن تترك كسوق حرة تنظم نفسها من داخلها... على حساب جيب المواطن وتدني نوعية الخدمات المقدمة له. أين وزارة التجارة عن تلك السوق؟ أين دورها التنظيمي؟ أين هيئة حماية المستهلك؟ أين وزارة العمل عن الفوضى العمالية؟ بل أين خصمنا ولمن نختصم في هذه السوق العجيبة؟

مشاركة :