يتم الآن العمل على إعادة صياغة السياسة الإعلامية للمملكة، وهناك لجان مشكلة وتعمل على هذا الأمر بشكل يجعل بنود تلك السياسة تزيد ب 10 بنود عن السابق، ولا أدري هل هذه البنود هي مزيد من المحاذير والممنوعات، أم أنها آفاق جديدة سيحلق نحوها الإعلام السعودي؟ أيضا هل تم الالتفات إلى اللاعب الرئيس والأهم في المجال الإعلامي الآن (وسائل الاتصال الاجتماعي) الذي يبدو أنها تهيمن على الساحة وتتحكم في المزاج العام حاليا؟ هل هناك دعم بالخبرات والطاقات لوكالة الإعلام الخارجي في الوزارة، لاسيما مع الحضور الباهت والمتواري لها على المستوى العالمي ؟ أذكر بعد أحداث 11 سبتمبر كان الحصار الإعلامي ضد المملكة شديداً، وكثير من أصابع الاتهام توجهت لها كراع أول للإرهاب، وبدأنا وقتها نصادف فجأة على المواقع الإلكترونية خرائط تقسيم للمنطقة، والتي مهما أحسنا الظن بها لا يمكن أن ننكر الأصابع الاستخباراتية خلفها. بالطبع وكالة الإعلام الخارجي لدينا لم تقم بتحركات واضحة أو عمل حرفي ملموس وكان جل ما قمنا به وقتها هو الاستعانة بوكالات إعلام وعلاقات عامة عالمية، لإعطاء صورة ذهنية إيجابية عن المملكة، بالتأكيد تلك الوكالات لم تصنع الكثير، فقط بتنا نسمع الجواب البارد يصلنا (يجب أن تبدأ بإصلاح الأصل وليس الصورة). وظل جلّ من يقوم بالمهمة الإعلامية الدولية هي هي الشركات الإعلامية الكبرى ذات رأس المال السعودي، (فهل هذا الأمر يؤكد أن الإعلام يجب أن يسلم للياقة وحيوية القطاع الخاص)؟ في الوقت الحاضر وتبعاً للأحداث الدولية في المنطقة، عادت المملكة إلى واجهة المشهد، وبدأنا من جديد نشاهد خرائط تقسيم المنطقة تمرر وتصلنا، فماذا عن دور إعلامنا الخارجي؟ جميعنا نعرف أن الإعلام يكون عادة سلطة مستقلة لا تندرج ضمن الجهاز التنفيذي لمؤسسات الدولة، بل هو (أو المفترض) أن يكون سلطة مستقلة ترقب أداء السلطات الأخرى وتتبع هناتها وثغراتها ومواقع عيوبها كسلطة رابعة بجوار بقية السلطات، ولكن إذا تجاوزنا هذا الموضوع على اعتبار أن الإعلام المستقل هو حلم طوباوي خيالي ماذا فعل الإعلام الخارجي حيال ما تواجهه المملكة من حملات مخلبية على المستوى الدولي؟ في وقت تبدو فيه التحركات الدبلوماسية السعودية وحيدة في الميدان دون جناح إعلامي. ولماذا الشركات الإعلامية السعودية هي من يقوم بالمهمة بينما الإعلام المحلي يبدو متوارياً إن لم يكن غائباً عن المشهد العالمي والمحلي أيضا.... كتب الزميل خلدون السعيدان في هذه الجريدة مقالاً هاماً يتساءل فيه عن دور القناة السعودية الإنجليزية في دعم الحملة التصحيحية لأوضاع المقيمين المخالفين، بحيث تكون مصدراً رسمياً رئيساً لتلك العمالة تختصر عليهم الكثير من الغموض والتخبط. سنعود للمقولة التي سمعناها عام 2001 حول إصلاح الداخل قبل الخارج؟ لا نختلف حول هذا ولكن أيضاً حتى مسيرة الإصلاح بحاجة على الأقل إلى واجهة إعلامية وأصوات وطنية بقدرات وتأهيل (لا أدري هل تبتعث وزارة الإعلام إلى المراكز العالمية المتخصصة؟ سواء بعثات أو للدراسة؟)... ولكن الذي نعرفه جميعاً أن اللعبة الإعلامية لا بد أن تدار بذكاء وحرفية، فهل هذا يقع ضمن بنود السياسة الإعلامية التي يتم العمل عليها الآن؟
مشاركة :