خطيب جامع الخير يحذر من استغلال المنبر الديني لأهداف سياسية

  • 5/28/2016
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

قال الشيخ صلاح الجودر خطيب جامع الخير بقلالي في خطبة الجمعة أمس: لما بعث الله تعالى محمدًا (صلى الله عليه وسلم) نبيًا ورسولاً وهاديًا وبشيرا أمره أن يجمع أمته في أعظم مجمع وهو المسجد، فآخى بين المسلمين، وجمع كلمتهم، ووحد صفهم، ولم شعثهم، فكانوا جميعًا إخوة في الدين، لا فرق بين عربي ولا أعجمي، ولا أسود ولا أبيض إلا بالتقوى. لقد بنى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المسجد دارًا للعبادة، ومكانا لتوحيد الله وعبادته وحده لا شريك له، يتعلم فيه المسلم رسالة التوحيد السماوية التي نزلت على الأنبياء إبراهيم وإسحاق وإسماعيل وموسى وعيسى ومحمد، لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون، فكانت المساجد بيوت الله في الأرض، لها التشريف والإجلال والتقدير، وقد توعد الله كل من سعى في خرابها، فقال تعالى: «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسمهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ» (البقرة: 114)، وفي المقابل شهد الله لمن قام بإعمارها بالإيمان والعمل الصالح، قال تعالى: «إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ» (التوبة: 18). وامتدح الله تعالى عمارها المؤمنين الموحدين بقوله: «فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسمهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ* رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ» (النور: 36-37)، نعم رجال همهم الأول توحيد الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة. إن المساجد والجوامع ودور العبادة في أهدافها وغاياتها أن تكون مصدر العلم والنور والأمن والأمان، يلجأ إليها كل راغب في مرضاة الله، قال (صلى الله عليه وسلم): (أحب البلاد إلى الله تعالى مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها)، وقد أخبرنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله (ورجل قلبه معلق بالمساجد)، فالمساجد أطهر الأماكن وأنقى الساحات، تتنزل فيها الرحمات وتحل بها السكينة، وتهبط بساحتها الملائكة، فيها يتعارف المسلمون باختلاف جنسياتهم وألوانهم، فيتآلفون ويتعاونون ويتراحمون، لأنّ ربهم واحد، قال تعالى: «وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا» (الجن: 18). لهذا كله فإنّ للمسجد آدابا يجب أن تراعى، فعن أنس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (البزاق في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها) (متفق عليه)، وعن أبي هريرة أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد (أي تقوم بتنظيفه) ففقدها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فسأل عنها، فقيل له إنها ماتت، فقال: (فهلا أذنتموني؟ فأتى قبرها فصلى عليها)، وقد نهى النبي (صلى الله عليه وسلم) آكل الثوم والبصل من الدخول إلى المسجد، وكذلك المؤمن مطالب بلبس أحسن الثياب عن المجيء إلى المسجد، قال تعالى: «يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ» (الأعراف: 31)، وعلى الداخل إلى المسجد أن يمشي بالسكينة والوقار. والأمة اليوم تتجرع سموم مشروع تغيير الهوية الذي يرى في العراق وسوريا فإنّ من أخطر الوسائل استغلال المنابر الدينية في الشأن السياسي؛ فالمنبر الديني لم يعد منحصرًا بين أربعة جدران، ولا يقتصر فقط على مسائل الصلاة والزكاة والصيام والحج، ولكنه تعدى إلى أكثر من ذلك، وخاصة أن المرحلة اليوم تشهد ظهور جماعات وأحزاب تهدد السلم الأهلي والنسيج الاجتماعي؛ لذا لا بد من تحصين المجتمع بتشريعات وقوانين تحفظ له أمنه واستقراره. المتابع للمنبر الديني منذ أحداث فبراير ومارس عام 2011م يرى أنه هناك استغلالا خاطئا لهذه المنابر، فقد أثيرت قضايا تمس الأمن والاستقرار، وتم طرح شعارات وبرامج لا تتناسب مع الخصوصية البحرينية، فتم التطاول والسخرية والتسقيط وتسفيه الآراء، بل تم الاستهزاء بالمعتقدات والمذاهب والشعائر، والمؤسف أن ذلك كله له تأثير كبير على نفوس الشباب والناشئة، ما دفع بعضا منهم إلى الانخراط في جماعات العنف والإرهاب في الشارع. في المسجد يجب أن يشعر المسلم بنعمة الأخوة الإسلامية، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (لا تختلفوا فتختلف قلوبكم)، وقال في الصحيحين: (لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم)، من هنا فإنّ المسؤولية تحتم فصل المنبر الديني عن الأحزاب السياسية، وكذلك يجب ألا ينخرط المعني بالشأن الديني في الجمعيات السياسية، فما يعانيه المجتمع هو استغلال الدين في المصالح الحزبية والطائفية.

مشاركة :