خطيب جامع الخير يحذر من استهداف الأمة العربية

  • 4/1/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

قال خطيب جامع الخير بقلالي الشيخ صلاح الجدور في خطبة الجمعة أمس: أُوصيكم-أيها الناس - ونفسي بتقوى الله عز وجل، فاتقوا الله رحمكم الله، فإن الكرامة كرامةُ التقوى، والعز عزُ الطاعةِ، والأُنسَ أُنسُ الإحسان، والوحشة وحشةُ الإساءة، والنجاةُ في لُزوم الكتاب والسنة، والفوزُ لمن زُحزح عن النار وأُدخل الجنة، قال تعالى: «وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا» (النساء: 69). عباد الله، إن هدف الإنسان في هذه الحياة العيش براحة واستقرار وأمان، وغاية مبتغاه ألا يكون قلقًا حائرًا، أو مضطربًا متبرما، فإن لم يتحقق له ذلك تحول إلى حيوان شرس حتى لو كان في أفضل العصور أو شاهد آثار التقدم والتحضر. إن السعادة والرضا والطمأنينة هي الغاية المنشودة، فما أعظم الفرق بين رجل عرف طريق السلامة فاطمأن واستراح، وآخر ظل يتخبط لا يدري كيف المسير، ولا إلى أين المصير، قال تعالى: «أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ» (الملك: 22). أيها الإخوة، الرضا والتسليم بقضاء الله نعمة عظيمة، ولا تتحقق هذه الدرجة الإيمانية إلا من صبر وتوكل على الله وأحسن العبادة، قال تعالى مخاطبًا نبيه محمد: «فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى» (طه: 130)، وجاء في الحديث الصحيح: «ذاقَ طعمَ الإيمانِ من رضِيَ بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمُحمَّدٍ رسولاً» (أحمد ومسلم والترمذي). عباد الله، إن الرضا والتسليم بقضاء الله هو بستان المؤمن في الأرض، ومكانه الآمن، فالرضا سر السعادة، وطريق السكينة، والرضا ليس بكثرة المال، ولا بعظمة الجاه، ولا بكثرة الأولاد، وقد جاء عن رسول الله: «اتقوا الله، وأجمِلوا في الطلبِ»، (فالغنى ليس بكثرة العرض، إنما الغِنى غِنى النفس)، وقال تعالى: «وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ» (النساء: 32)، يقول عبدالله بن مسعود: «ارضَ بما قسمَ الله تكن أغنى الناس، واجتنِب محارِمَ الله تكن أورعَ الناس، وادِ ما فرضَ الله تكن أعبدَ الناس»، وقيل للحُسين بن علي: إن أبا ذر يقول: «الفقرُ أحبُّ إليّ من الغِنى، والسَّقَمُ أحبُّ إليّ من الصحة»، فقال الحسين: رحِمَ الله أبا ذرٍّ، أما أنا فأقول: «من اتَّكَل على حُسن اختيار الله لم يتمنَّ غيرَ ما اختارَ الله له»، ويقول عطاء: «الرِّضا سُكونُ القلبِ باختيار الله للعبد، وإن ما اختارهُ الله له هو الأحسنُ فيرضَى به»، وقال بعضُ الحُكماء: «من رضِيَ بقضاء الله لم يُسخِطهُ أحدٌ، ومن قنِعَ بعطائه لم يدخله حسد». أيها الإخوة المؤمنون، الرضا والتسليم بقضاء الله من لوازم الإيمان بالله، فالمؤمن الحق هو الذي يغمره الرضا، فيشكر الله على نعمه التي لا تحصى في سمعه وبصره ويده وقدمه، ونومه ويقظته، ومأكله ومشربه وملبسه ومسكنه، والمؤمن الراضي هو الذي يلهج بذكر الله، «الحمدُ لله الذي أطعمَنا وسقانا وكفانا وآوانا وجعلَنا مُسلمين»، «الحمدُ لله الذي كساني هذا ورَزَقنيه من غيرِ حولٍ مني ولا قُوَّةٍ»، «اللهم ما أصبَحَ بي من نعمةٍ أو بأحدٍ من خلقِكَ فمنك وحدَكَ لا شريكَ لك، فلك الحمدُ ولك الشكرُ». عباد الله، إن علامات الفرح والسرور التي نراها على وجوه الفقراء والمساكين والمحرومين ليس لأنهم سعداء في حياتهم، ولكن لأنهم سعداء في أنفسهم، سعداء بالرضا والقبول. لذا، على المؤمن ألا يهلع ولا يجزع فيما لا يمكن الوصول إليه، فإن كل شيء بقضاء الله وقدره، فهو وحده المعز المذل، الرافع الخافض، المعطي المانع، هو الذي أغنى وأقنَى، وأضحَكَ وأبكى، فاستعينوا بالله وكونوا من الراضين المرضي عنهم. أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم. الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبدالله ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه. عباد الله، لقد اختتمت القمة العربية الثامنة والعشرون أعمالها في الأردن الشقيق في ظل ظروف عربية صعبة، حيث مازالت القضية الفلسطينية والملف العراقي والسوري واليمني والليبي كلها تنزف بالمئات من القتلى والمشردين والنازحين، وظهور الجماعات الإرهابية بالمنطقة مثل تنظيم داعش وحزب الله اللبناني والحشد الشعبي المدعومين من إيران، ومع ذلك فقد استطاعت القمة من خلال الاجتماع مناقشة تلك القضايا ووضع الرؤى والحلول لمواجهة تلك الأخطار. عباد الله، إن الاجتماع والاتحاد العربي يوغر صدور الأعداء، لذا نرى السخرية من الزعماء والقادة العرب، ونشر الصور المسيئة عنهم، فقد حاول أعداء الأمة تسفيه الأطروحات العربية، والنيل منها، اعلموا -عباد الله- أن الطابور الخامس مهمته زرع الانهزامية في نفوس أبناء الأمة، فالحذر الحذر من الإسهام في مخططات الأعداء. ألا فاتقوا اللهَ رحمكُم الله، فمن أراد الثوابَ الجزيلَ، والذكرَ الجميلَ، فليذكر ربه، وليصل على نبيه، وليغث الملهوف والمحتاج.

مشاركة :