خطيب جامع الخير يدعو إلى إبعاد الخطاب الديني عن التكفير والسب والطعن

  • 3/10/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

قال خطيب جامع الخير في قلالي الشيخ صلاح الجدور في خطبة الجمعة أمس إن ما يجري في الأمة اليوم يُفرح العدو، ويُحزن الصديق، فما يحدث اليوم مصيبة كبرى وحدث جلل يستهدف عقيدة الأمة وتاريخها ومجدها وحضارتها، ومن المؤسف أن قبول ذلك والموافقة عليه ناهيكم عن السماح له هو إعانة وخيانة كبرى لا تصلح معها دنيا ولا دين!!، فقوة الأمة ووحدة المسلمين أبدًا لا يمكن أن تقوم في فترة التحريش والتحريض وإظهار الأخطاء والانكفاء على الطائفية والمذهبية والعرقية، وهي ما تعرف بالنعرات العصبوية، فذلكم هي قاصمة الظهر وحالقة الدين! إن على كل غيور على دينه وأمته ومجتمعه ألا يستهين بتلك الألغام المدمرة في الساحات ومواقع التواصل الاجتماعي التي إن لم يتعامل معها بحذر ويبطلها فإنها والله ستفتك بالأمة وتجعلها في دوامة الصراعات، وسوف تعيشها بعدها في ظلام دامس ومستنقع آسن إلا أن يرحمنا الله برحمته!، فأعداء الأمة لم يوجدوا الخلاف فيها، ولكنهم وجدوا أرضًا خصبة وتاريخًا مأزومًا ليزرعوا فيها الحقد والكراهية، فيمزقوا الأمة ويسيطروا على مقدراتها. إن تفوق العدو ونجاحه ليس بسبب ذكائه ودهائه ولكن لضعف الأمة وتقصيرها، وغفلتها وانشغالها، وأخشى أن أقول لانصراف أبنائها لزهرة الحياة الدنيا وقلة أمانتهم، فالحذر الحذر-عباد الله- أن تتوغل الأمة في الصراعات الطائفية أو الحزبية المقيتة، يجب على الأمة أن تتمسك بنهج الوحدة والاتحاد والتعايش السلمي، وإن من النصح للأمة هو إعادة النظر في الخطاب الديني القائم على مرويات التكفير والسب والطعن والأساطير الخرافية، يجب شطب الركام الأسود الذي يدعو الى سب الصحابة وتهميش آل البيت والنيل من زوجات النبي، أو احتقار تاريخ الأمة المجيد والمسيرة المباركة لدينها العظيم، أو الإساءة للتابعين وأئمة الهدى وولاة الأمر، ويجب تنقيح كتب التاريخ من الروايات المدسوسة التي لم يكن هدف وضعها إلا من أجل هدم أسس الدين والعقيدة، ونشر الخلاف والفرقة بين المسلمين، في المقابل يجب إظهار الصورة الحقيقية الناصحة لمجتمع الصحابة وآل البيت من جهة، ولعلاقة المسلمين بغيرهم من أتباع الأديان والثقافات، ففي كتب التاريخ سجل حافل من التعايش السلمي والتسامح الأخلاقي مع سائر البشر، ويكفينا ما جاء في كتاب ربنا من آيات، وهدي رسولنا من آثار، وصحابته الكرام من اتباع، ولعل وثيقة المدينة بين المسلمين واليهود لأكبر شاهد، والعهدة العمرية بين المسلمين والنصارى لأكبر دليل! المتأمل في الساحة اليوم يرى أن الشكوى إنما في ثلاث تيارات، الغلاة والجفاة والغزاة، فالغلاة هم أهل التعصب والعنف والإرهاب، والجفاة هم من يسعون لقطع الأمة عن دينها وعقيدتها وتاريخها، أما الغُزاةُ فهم من يتخذون الفريقين سبيلاً لتحقيق غاياتهم، لذا فإن المسؤولية الدينية والحس الوطني يقضي بالتحري الكامل عن أهداف أولئك الغزاة، ومن يعتقد أنهم يستهدفون منطقة دون غيرها فهو يعيش حالة من الضياع، فكم هي الدول العربية والإسلامية المشتعلة بصراعات مفتعلة؟! تأملوا معي في فلسطين وأفغانستان والصومال والعراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا، ولن تنعم المنطقة بالأمن والأمان إلا بالوحدة والاتحاد والتعايُش السلمي. يجب أن تكون وحدة المسلمين والحوار والتسامح والتعايشُ غاية كبرى وهدفا أساسيا ومصلحة عُليا ونهجا ثابتا، فعلى كل فرد أن يعلن براءته إلى الله عز وجل من كل دعوة تخاصم شريعة الله ومنهج رسول الله محمد. وإن مما يسر الصديق، ويؤكده منهج التحقيق أن الناظر والباحث كلما تقدم متوغلا في القدم راجعا إلى عصور الإسلام الأولى يجد التطابق والتماثل والتوادَ بين المسلمين بعضهم بعضا، وصور التعايش السلمي مع سائر البشر رغم اختلاف أديانهم وتنوع ثقافاتهم، وكلما تأخر بالأمة الزمن بدت ألسنة الدخان، ومناطق الظلام، وصور التشويش والتحريش ومظاهر العنف الفكري والتعصب المذهبي والطائفي، ومع ذلك فإن الخير في هذه الأمة مترسخ، والآمال المعقودة عليها كبيرة، ونماذج المبشرات ظاهرةٌ ماثلة، فأتباع محمد في كل العصور هم الذين ليس في قلوبهم ولا في صدورِهم غل، قال تعالى: «وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ» (الحجر: 47)، فكانوا على الحق والخير إخوانًا وأعوانًا، وجاء عن أبي سعيد الخدري: أن رجلا قال لرسول اللَّه طوبى لمن رآك وآمن بك، فقال: (طُوبَى لِمَنْ رَآنِي وَآمَنَ بِي، ثُمَّ طُوبَى، ثُمَّ طُوبَى لِمَنْ آمَنَ بِي وَلَمْ يَرَنِي)، فَقَاَل الرجل: يا رسول اللَّه وما طوبى؟، قال: (شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ مَسِيرَةُ مِائَةِ سَنَةٍ، ثِيَابُ أَهْلِ الْجَنَّةِ تَخْرُجُ مِنْ أَكْمَامِهَا).

مشاركة :