الشعوب التي لا تدّخر؛ مُعرَّضة لمخاطر وتقلُّبات الاقتصاد العالمي، فكيف بالشعوب التي تقترض وبنسب عالية مقلقة. وطبقًا لآخر نشرة فصلية صادرة عن مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما)، فإن القروض الاستهلاكية وقروض بطاقات الائتمان الشخصية قد ارتفعت بنسبة 6% خلال الربع الأول من 2016م لتبلغ 345 مليار ريال (الحياة 21 مايو). وفي ثنايا الخبر توزيع هذا المبلغ المهول على عدّة بنود مثل قروض ترميم وتحسين العقارات، وشراء السيارات، وشراء الأثاث والسلع المعمّرة مثل الثلاجات والغسّالات، والسفر والسياحة، وبطاقات الائتمان. هذا المبلغ يساوي تقريبًا مخصص الرواتب على مستوى ميزانية الدولة لعامٍ كامل، أي في المعدل يُعد كل موظف حكومي مديونًا براتب سنة كاملة مقدمًا. وذلكم خلل كبير لا بد من تصحيحه إذا أردنا لاقتصادنا الوطني أن يخطو بإيجابية إلى الأمام. وأذكر أن الحكومة اليابانية إبان محاولتها استنقاذ البلاد بعد الحرب العالمية الثانية المدمرة شجعت أبناء الشعب على ممارسة فضيلة الادخار إلى أقصى حد ممكن مما ساهم في تحويل الأموال المدّخرة لتنمية الصناعات اليابانية وتمويل أنشطتها المختلفة، فاستفاد القطاع الخاص ونما بصورة مذهلة سريعة، كما استفاد المواطن المدخر من عمولات وفوائد الادخار. المهم أن كلمة السر كانت (الادخار)، وعدم إنفاق المال على غير الضروريات والأساسيات. ما جدوى الاقتراض لشراء سيارة فارهة في حين تؤدي الغرض سيارة نصف فارهة؟ لماذا يستدين أحدنا لتشييد فيلا فاخرة جدًا، في حين تكفيه وأسرته فيلا جميلة متواضعة؟ ما الفلسفة وراء الاستدانة للسفر المُكلّف بهدف تقليد عائلة فلان أو علان؟ ما الحاجة إلى الاقتراض لتغيير أثاث المنزل مع أن الأثاث الحالي يؤدي الغرض وزيادة. الاقتراض في حدِّ ذاته همٌّ بالليل وذلٌّ بالنهار! هو داء عضال إذا تمكَّن من صاحبه عاش مديونًا معظم عمره ولا ينتهي من سداد دين حتى يبدأ بآخر! أما أولئك الذين يخشون اليوم الآخر، فيُدركون أن عواقب الاستدانة وخيمة، وآثارها مخيفة إن مات وهو مثقل بديون قد لا يتمكَّن ورثته من سدادها لسببٍ أو لآخر. بقي أن نعمل معًا حكومة ومجتمعًا على محاربة هذا الداء الخبيث والعادة الضارة! salem_sahab@hotmail.com
مشاركة :