مُؤلم هو ما قرأته في صفحة الإعلاميّة «بثينة النصر» في الفيس بوك حول شابة اسمها ليزي فيلاسكويز Lizzie Velasquez التي فتحت يومًا ما بريدها الإلكتروني، ووجدت رابط لفيديو يُصوّرها وهي تضحك على Youtube بعنوان: «أكثر امرأة قبحًا في العالم» مدته 9 ثوان، وشاهده 8 ملايين شخص من جميع أنحاء العالم.. مع آلاف التعليقات البذيئة التي تطالبها بقتل نفسها حتى تخلص العالم من قبحها.. والتي تسخر منها.. والتي تسبّها.. لا لشيء إلاّ لأنها ابتليت بمرض نادر يعاني منه 3 أشخاص في كل أنحاء العالم.. مرض يحرم جسدها من زيادة أي وزن مهما كانت كميات أكلها..!! *** رغم شدة ألمها قررت ليزي أن تحارب بدلاً من أن تستسلم.. صنعت فيديو للرد على هذا الفيديو ببطاقات سجلت عليهم أحلامها خلال الثلاث السنوات المقبلة.. وكانت أحلامها أن تتخرّج في الجامعة.. أن يصدر لها أول كتاب.. وأن تصبح Motivational Speaker أي «ملهمة».. وبعد 8 سنوات.. تخرجت ليزي من الجامعة.. وتستعد لإصدار ثالث كتاب لها.. أصبحت بالفعل من أكثر المتحدثين الملهمين شهرة على مستوى العالم. *** لقد عملت ليزي من خلال صمودها وتساميها على الحقد والألم على تعليم الناس معنى الجمال الحقيقي.. معنى الإرادة.. هي من استخدم قبح الناس ليكون إضافة في هذا العالم.. ليس لدينا أعذار ألا ننجح ونثابر ونُكافح لنُحقِّق أحلامنا.. فهي صنعت نفسها من اللا شيء.. رغم أن الأعذار كانت تصاحبها كل يوم حتى الوسادة. *** وأنا أتساءل هنا: مَن مِنّا يضمن أنه سيظل بصحة وعافية دون مرض أو سقم أو علة يمكن أن تُغيِّر ليس فقط من نمط حياته، بل من شكله وملامحه، ومن ذا الذي لن يهرم، إذا امتد به العمر، ويتبدل شكله وتنهار قواه؟ وانظروا اليوم إلى أحد جميلة الجميلات في السينما العالمية الممثلة الفرنسية بريجيت باردو التي كان يُضرب بجمالها وفتنتها المثل، كيف أصبحت اليوم، وغيرها كثير من الفاتنات بعد أن حكمت سُنّة الحياة حكمها عليهم، كيف أصبحوا نتيجة للشيخوخة أو المرض أو الزمن! وهو ما يُذكّرني بقصة الرجل العجوز التي كتبتها من قبل ووجدوا بعد وفاته أبيات شعر قال في بعضها: مازال داخل هذا الجسد المتهالك يسكن شاب صغير.. وقلبٌ ينبض يتذكر السعادة.. ويتذكر الشقاء ولازال .. يُحب الحياة افتحوا أعينكم أيّها الناس.. انظروا.. أنا لست رجلاً عجوزًا فانيًا اقتربوا أكثر وانظروا حتى تروني!! *** وذكرتني قصة ليزي فيلاسكويز أيضًا بمرض زوجتي رحمها الله، عندما بدأ المرض يسلب منها رحيق الحياة، وتساقط شعرها وتغيّر شكلها. فاجأتني يومًا بسؤال: هل لازلت تحبني؟ وهل تراني قبيحة كعجوز شمطاء؟ فأجبتها وأنا صادق في أحاسيسي: أنا أراك تلك العروس التي ارتبطتُ بها منذ 25 عامًا مضت، بنفس تلك الصورة التي كنتِ فيها بفستان الزفاف الأبيض. ولم أكن حينها أصدق مني في أي وقت.. فلم أكن أراها بعيوني، ولكن بقلبي ومشاعري.. وبالعشرة الطويلة والأيام الجميلة التي كانت بيننا، وبالأبناء الذين وهبنا الله. إن القبح، كما قالت الإعلامية «بثينة النصر»، ليس قُبح الشكل.. ولكن قُبح القلوب. • نافذة صغيرة: (فلا تجعل الحسن الدليل على الفتى فما كل مصقول الحديد يماني) nafezah@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (6) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :