تحوي خزانة الجامعات السعودية المئات من «براءات الاختراع» من باحثيها الأكاديميين، والتي ظل كثير منها حبيس الأدراج، على رغم بعضها يمكن أن يضيف بعداً مهماً بإسهامه في إيجاد حلول حقيقية للعديد من المشكلات التي تواجه منظومة المجتمع المحلية. ما يلفت الانتباه إلى ابتكارات الأكاديميين يتمثل في تغير نظرة القطاع الخاص السعودي تجاهها خلال السنوات الثلاث أو الأربع الأخيرة، إذ بدأت بعض ملامح خيوط التكامل بينهما في خروج بعض الشركات بمشاريع مشتركة، أسهمت فعلياً في تحريك عجلة الاقتصاد بسبب الاستفادة من الاختراعات، والتي تعد اليوم «واجهة استثمارية» بكل ما تحمله الكلمة من معنى. توجه صناع القرار في المملكة نحو «الاقتصاد المعرفي»، والتحول التدريجي بحلول 2020، ويعتبر وفقاً للمدير التنفيذي لشركة «الهوية العالمية» حسن برقه، أحد الأسس المهمة في التكامل بين الشركات ومبتكري الجامعات من الأكاديميين. ويقول برقه: «الاقتصاد المعرفي يقوم على ثلاث ركائز أساسية، هي: المعرفة الفنية والإبداع، والذكاء والمعلومات، وهي موجودة في الكثير من براءات اختراع الأكاديميين». وأضاف: «المرحلة المقبلة، وفي ظل رؤية 2030 التي أعلنت أخيراً، ستشهد المزيد من الفرص الاستثمارية، ما بين القطاع الخاص والباحثين الأكاديميين». وذهب برقه للتأكيد على أن العديد من المشاريع الابتكارية العلمية الجامعية تحمل في بذور تأسيسها الأولى ملامح نجاح استثماري، شريطة إدخال الشركات المحتضنة لها تحسينات من شأنها تطوير الأفكار الابتكارية الإبداعية، وعلى منصات المال والأعمال في السوق السعودية بشكل خاص، والخليجي والعربي على وجه العموم، ونقلها من كونها على الورق إلى فكرة عملية. وأشار برقه إلى تجربة «الهوية العالمية» في احتضان أحد المشاريع الابتكارية العلمية، والتي تم تحويلها إلى منتج استثماري تجاري، من خلال تكاملها مع أستاذة علم الأحياء الدقيقة بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة الدكتورة أحلام العوضي، من خلال ابتكارها شماغاً يحل مشكلة عدم «تطابق الأطراف»، ويعتبر هذا الابتكار أول شماغ متطابق الأطراف على مستوى العالم، وهو حصيلة عمل استمر ثلاث سنوات، أطلق عليه اسم «رسم»، ومن المقرر أن يرسم مرحلة جديدة لصناعة الشماغ على مستوى المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي. ويقول برقه: «استطعنا تحويل الابتكار إلى واقع ملموس، ومنتج قابل للإنتاج بكميات تجارية، وهو براءة اختراع مسجلة باسم الدكتورة أحلام العوضي، تم تطوير ذلك الابتكار من خلال تصنيع ماكينات خاصة في أحد المصانع السويسرية المتخصصة، وإنتاج خيوط متطورة إيطالية تساعد في عملية التطابق». من جهتها، أكدت العوضي أن أعضاء هيئة تدريس الجامعات يملكون الكثير من الأفكار الإبداعية الريادية ذات «الصبغة الاستثمارية»، والتي يمكن للقطاع الخاص الاستفادة منها بدرجات متفاوتة، إلا أنها لفتت الانتباه إلى ضرورة قيام مؤتمر سنوي يجمع المخترعين والمبتكرين الأكاديميين من جهة، والقطاع الخاص من الجهة الأخرى، بهدف التعرف على مقومات الجانبين وما يملكونه من خبرات، من شأنه أن يسهم في الخروج بمشاريع ريادية تخدم رؤية المملكة خلال السنوات المقبلة.
مشاركة :