البيئة الإماراتية ظلت هاجساً تمحورت حوله تجربة الفنان الإماراتي المميز فيصل عبد القادر، وأكثر من ذلك أن مغامراته اللونية جمعت دائما بين العناصر الخاصة بالبيئة من جهة، وتوثيق التاريخ والثقافة من جهة أخرى، فلوحات فيصل كائنات ترفرف بريشة فنان عشق الأصالة فعبر عنها من خلال ارتباطه بماضيه البهي، وامتزجت موهبته الاستثنائية بالألوان لتنجز أعمالاً فنية وبصرية لافتة توثق معالم الثقافة والتاريخ، وتروي حكايات من ماضي الإمارات. حي الفهيدي التاريخي يروي عبد القادر تجربته مع الفن مستذكراً أقدم لوحة أنجزها، وعنها يقول: تلك اللوحة رسمتها قبل 18 عاماً وهي تجسد معالم حي الفهيدي التاريخي بدبي، الحي العتيق الذي يعتبر من المناطق التراثية النادرة التي بقيت محافظة علي طابعها المعماري، وأعتز بهذه اللوحة كثيراً كونها تحمل دلالات أهم الأحياء القديمة في الإمارة، والذي يضم براجيله وأبنيته ذات الهندسة المعمارية الفريدة والطابع التراثي العريق، والذي يعبر عن تاريخ المكان الذي أصبح اليوم بالإضافة إلى أهميته التاريخية وجهة سياحية ثقافية. الضوء والظل يحاول الفنان إيصال رسائله إلى العالم عبر لوحاته الفنية التي تحفل بتناغمات بصرية وقوة لونية عميقة الإحساس موظِفاً إمكاناته الإبداعية في خدمة الهوية الوطنية التي يستلهمها من رموز التراث الإماراتي، ويتحدث عبد القادر عن تجربته في الفن فيقول: بدأت الرسم في أواخر الثمانينات بالألوان الخشبية، وتأثرت بأعمال الفنان سلفادور دالي ومايكل أنجلو وليوناردو دافنشي، وقرأت كثيراً عن قصص حياتهم وأعمالهم وطالعت لوحاتهم التي ألهمتني كثيراً، وشجعتني على احتراف الرسم والفن التشكيلي فقد استلهمت من تجاربهم فنوناً عديدة منها تقنيات اللمسة الساحرة، والتكنيك اللوني، وضربات الفرشاة، وفنون الرسم بالضوء والظل. رائحة التراث يؤمن عبد القادر بأهمية المكان ويسعى جاهداً إلى توثيقه بذاكرة بصرية وتنوع وغنى لوني فريد ويقول: المكان يرتبط بذاكرة الآباء ويبرز بعض جوانب الحياة ببدائيتها وبساطتها التي كانوا يعشونها، وهو ما يجعلنا نشعر بالحنين إلي الماضي والتاريخ، ويضيف: فقد قمت بتوثيق البيئة الإماراتية والعمران والأحياء التاريخية مثل حي الفهيدي، ومنطقة الشندغة، وبيت الشيخ سعيد آل مكتوم وصحارى دبي، وغيرها، وكذلك الأماكن التي بقيت في مخيلتي منذ الطفولة وفترة الدراسة، وبداياتي في العمل في بنك الإمارات دبي الوطني المطل على ضفاف الخور، كما يتذكر الفنان شجرة رسمها قبل 12 عاماً كانت تعتبر بمثابة معلم مميز وشاهدة على تاريخ منطقة البرشاء، وقد حرصت على رسمها بشكل فني لتعبر عن تاريخ المكان الذي تغيرت معالمه تماماً بعد بناء مول تجاري بمحلها، ويقول: يستطيع المتلقي عبر لوحاتي أن يشمّ رائحة التراث والعراقة، معتبراً بأنها بمثابة مرجع بصري للأجيال القادمة لتعريفهم بتراثهم وحياة أجدادهم. رمز أصيل استطاع الفنان التشكيلي الإماراتي فيصل عبد القادر التسلل الى عالم المرأة المبهر ويقول: المرأة تمثل بالنسبة لي عصب الحياة الاجتماعية، وهي رمز أصيل للتراث، ولها دور مهم في تربية الأجيال وبناء المجتمعات، وصولاً إلى الارتقاء بفكرها وثقافتها وتاريخها، وتجذبني المرأة الإماراتية ببرقعها الأنيق، ولباسها الذي يحرك بداخلي الحنين للماضي، والتقط صوراً لكثير من النساء الإماراتيات المتمسكات بالتراث واللباس الأصيل، وأتناول جوانب من حياتهن في لوحاتي. ترجمة عن الذي يميزه عن غيره من الفنانين يقول فيصل عبد القادر: إنه توجه أكثر من أن يكون تميزاً، فقد اتجهت الى رسم الواقع بأدق تفاصيله لأعبر عن حياتنا الماضية، وخاصة ارتباطي الشديد بخور دبي وضفتيه من حي الفهيدي، الشندغة، السوق الكبير، الى منطقة الراس وسوق الذهب، بالإضافة إلى ما يلاحظ من رسوماتي الاتجاه في رسم الإنسان البسيط والأجداد والمهن القديمة، أعتقد بأن تأريخي لصور الماضي يأتي من حبي واهتمامي في الحفاظ على تراثنا الجميل للأجيال القادمة، لأن قلة من يرسم هذا النوع من الرسم وخاصة بالألوان الزيتية.
مشاركة :