الكَاتِب المِصريّ السَّاخر القَدير «أحمد رجب» -رَحمه الله- رَقمٌ صَعب في عَالَم الكِتَابَة الصَّحفيَّة المُعَاصرة، ومِن المُستَحيل أَنْ أَرَى لَه أَيَّ كِتَاب عَلى الرَّف، إلاَّ وتَبدو قُوَاه المَغنَاطيسيَّة جَاذِبَة لِي، إمَّا مُقتنيًا، أَو مُتصفِّحًا، أَو مُتأمِّلاً وسَائِحًا بَين صَفحَاته..! وإذَا أَردتُ أَنْ أُخصِّصَ العَام، وأُعطي نَبذَةً عَن أَدَب الكَاتِب «أحمد رجب» السَّاخِر، فلَن أتجَاوز مُذكَّراته الخَفيفَة، التي كَتبهَا تَحت عنوَان: «يَوميَّات حِمَار»، وجَاءت عَلى لِسَان «حِمار لَه»، يَعتبره مِن أَعزِّ أَصدقَائه..! لقَد أَهدَى يَوميَّاته إلَى الحِمَار؛ قَائلاً في المُقدِّمة: (إلَى حِمَارتي الجَميلَة، ذَات العَينيْن السَّوداويْن، ورَفيقَة دَربي يَارَا). والغَريب أَنَّ الحِمَار لَم يَكن يَبحَث عَن الأَكْل والشُّرب، بَل كَان حِمارًا مُفكِّرًا، وقَد ظَهرَت صورَته في الكِتَاب؛ وهو جَالِس عَلى مَكتبه، وفَوق رَأسه لَوحة كَبيرة كُتب عَليها: (لَيس بالبَرسيم وَحده يَعيش الحِمَار)..! أمَّا اليَوميَّات، فهي كُلَّها ضَربٌ تَحت الحِزَام، و»تَلطيش» النَّاس، ذَات اليَمين وذَات الشِّمَال، عَبر تَمريرَات لَا يَقدر عَليهَا إلاَّ الحَمير، حَيثُ تَتحَايل عَلى القَانون، وتَتجَاوز الرَّقيب..! خُذ مَثلاً مِن هَذه التَّلطيشَات: يَقول الكَاتِب في يَوميَّاته: (يَوم الأَحد: كَانت هُنَاك نَكتَة قَديمَة يَرويها المِصريُّون، وهي باختصَار غَير مُخلٍّ، أَنَّ البَعض أَقَاموا مُسَابقة بَين ثَلاثة أَجهِزَة أَمنيَّة في العَالَم، هي: «الكِي جِي بِي»، و»السِّي آي إيه»، و»مَبَاحث أَمن الدَّولَة المِصريَّة»، للعثُور عَلَى أَرنَب في صُحرَاء شَاسِعَة، أَنجَزَت «الكِي جِي بِي» المُهمَّة في يَومين، و»السِّي آي إيه» في يَومٍ وَاحِد، أمَّا «مَبَاحث أَمن الدَّولَة المِصريَّة»، فـ»ضَلَّ» رِجَالها أسبُوعًا.. فلَمَّا بَحثوا عَنهم بالهليكوبتر، وَجدوهم قَد أَشبَعوا غَزَالاً ضَربًا، ويَأمرونه بأنْ يَقول: «أنَا أَرنَب»)..! حًسنًا.. مَاذا بَقي؟! بَقي أَنْ نُشير إلَى أَنَّ يَوميَّات الحِمَار صَدَر مِنهَا -حَسب عِلمي- جُزءَان، وكَم كُنتُ أَتمنَّى أَنْ تَصدر سِلسلَة طَويلة مِنهَا، لأنَّ الحِمَار -كَما تَعرفون- يَوميَّاته غَنيَّة وثَريَّة، ومَليئَة بالفَوائِد والمَعَارف، والعلُوم، و»المَحشَّات»، والإسقَاطَات..!! تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com